نأتي إلى الموضوع الثالث وهو " ضع وتعجل " أما هذا فأنا مع الأستاذ العثماني في كل ما قاله، وعلى الرغم مما سمعناه من تجويز بعض أئمة الحديث لحديث " ضع وتعجل " فإن رأيي لم يتغير في هذا الموضوع فهو لا يزال محل شك، صححه بعضهم وضعفه بعضهم، وأريد أن أضيف إلى الدليل الذي ذكره الأستاذ العثماني من رواية الإمام مالك حيث قال: قال مالك: والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا – والمكروه هنا معناه ممنوع – أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب. قال مالك: وذلك عندنا أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب في حقه، قال: هذا الربا بعينه لا شك فيه. هذه الرواية تعجل هذا من قبيل إجماع أهل المدينة. هذا التعبير عند الإمام مالك: الأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا، وإجماع أهل المدينة يلحقه بعضهم بالحديث، بل يجعله أقوى من حديث الآحاد " ألف عن ألف خير من واحد عن واحد "، فهذا يقوي رأي من يقول: وهو نص على أن المعقول أيضًا يؤيد المنع. وقد أعجبني ما قدم به الشيخ العثماني حديثه من أنه لا يرى من المناسب العمل بهذه الفتوى في البيع بالتقسيط ولا في المرابحات التي تجريها البنوك الإسلامية، وهذا ما أفتت به هيئة الرقابة الشرعية في السودان، فلو أبحنا لهم هذا فقد يتخذوه ذريعة للوصول إلى الممنوع. البنوك ممنوعون من أن يتعاقدوا إلى أجل، فإذا حل الأجل ليس لهم بعد ذلك أن يؤخروا ويزيدوا، فإذا علموا أن لهم أن يعجلوا ويحطوا، قد يتفقون مع الزبائن بدل ما يؤجل إلى سنة يؤجل إلى سنتين وسيضاعف الربح إن كان عشرة في المائة إلى سنة سيجعله عشرين في المائة إلى سنتين ويقول له: إذا جئت في أي وقت أحط عنك، فهذا يؤول إلى أنه وصل إلى الزيادة بعد حلول الأجل بطريق آخر، ولذلك أنا أرى مع الأستاذ العثماني ألَّا نفتح هذا الباب خصوصًا في بيع المرابحة، وبيع المرابحة تعرفون ما فيه حتى من غير هذا الباب، فينبغي أن يقفل قفلًا محكمًا.