بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
لا يتجاوز كلامي الآن أن يكون تثنية على كلمات سبقت من الإخوة الأجلاء والعلماء الفضلاء، ولذلك وبناء على توجيه المجمع الاختصار قدر الإمكان، أحب أن ألخص الكليمات فيما سأقوله في نقاط محدودة.
أولًا: تعجيل الدين: تعجيل الدين إما أن يكون من المدين إلى الدائن، وهذا يظهر أن فيه أدلة خاصة كما أن فيه القياس على زيادة الثمن لأجل التأخير، أو لزيادة الثمن لأجل المدة الزمنية الزائدة والفرق بين الثمن الحال والثمن المؤجل، فكذلك إذا أراد أن يؤدي شيئًا من الدين الذي ثبت في ذمته جزءًا منه فلا أرى في ذلك بأسًا أخذا بمقتضى القياس في ذلك.
أما ما يتعلق بخصم الكمبيالة، في الحقيقة هذا يعتبر لشخص ثالث، فإما أن يكون خصم الكمبيالة بنفس جنس الدين، وهذا يجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة، وإما أن يكون – كما اقترح بعض الإخوة – بغير الجنس، وهذا فيه ربا النسيئة، وهذا يسمَّى احتيالًا على الربا المحرم شرعًا.
أما فيما يتعلق بقبض المرهون، ففي الحقيقة أن القول الذي طرح ويتفق مع مذهب المالكية وسمي بالرهن السائل، هذا لا شك في صحته، إن شاء الله، لأنه ينطبق على اصطلاح أو على قاعدة القبض الحكمي. والقبض الحكمي قد اتخذ المجمع في دورات سابقة قرارًا بجوازه حتى في الأشياء الربوية بالنقد. بيع النقد بالنقد إذا حصل القبض الحكمي بالشيك أو بالقيد في الحساب، فقد اتخذ الجمع الموقر قرارًا سابقًا في هذا، ولا يرى في ذلك بأسًا. لكن يبقى قضية ما يتعلق بتسجيل الرهن. ذكر الإخوة أن تسجيل الرهن يعتبر قبضًا حكميًا، وهذا إن شاء الله يتماشى مع القواعد الصحيحة ومع فتوى المجمع السابقة في اعتبار القبض الحكمي في هذا، لكن يوجد من البيوع ومن الأعيان ما ليس له تسجيل في المحاكم الشرعية أو في وثائق رسمية فمثلًا بعض البيوت عندنا في المملكة وفي غيرها تباع وتشترى وليست لها صكوك شرعية ولا وثائق رسمية يمكن أن تسجل عليها، كما أن رهن الأعيان الأخرى كالأدوات أو بعض الأشياء التي لا يجري التعامل فيها بالقيد في وثائق رسمية، هذه تحتاج إلى اتخاذ قرار خاص فيها يتعلق بكيفية قبضها حكميًّا في الرهن.
أما حلول الدين وما يتعلق بخراب الذمة، فيظهر أن الإخوة سبقوني في الكلام عن هذا الموضوع وإن الذمة لا تخرب وإنما ذكر كثير من الفقهاء أنها تتلاشى شيئًا فشيئًا ويتعلق بها الدين، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.
وكما تفضل الدكتور على السالوس، واقع المعاصرة الآن أن الثمن قد يزاد ضعف إلى ضعفين على الثمن حالًّا فلو خربت الذمة أو قلنا بخراب الذمة وأن الدين يحل بهذا لأصبح الذي يطلب من الأشخاص المدينين أو من انتقل إليهم الملك يتجاوز الثمن الفعلي بأضعاف كثيرة، وقد لا يستطيعون أن يسددوا هذا الدين. وجزاكم الله خيرًا. وشكرًا.