الأمر الثالث فيما يتعلق بضع وتعجل. أرجو أن ننتبه باستمرار لعملية التطور والمدخلات الجديدة التي تدخل على الوقائع والتي تقتضي إعادة النظر فيما صدر من فتاوى على ضوء ما حدث من مستجدات، يعني هل غيرت طبيعة الواقعة أم ما زالت الواقعة هي هي حتى يظل الحكم هو هو؟ في ظني أن موضوع الفقهاء الذين قالوا بضع وتعجل جوازًا الأمر بات الآن في هذه الظروف المعاصرة هناك نقطة يجب أن نلحظها، الذين قالوا بذلك لم يشيروا إلى أن العملية مشروطة مسبقًا، يعني هذه عملية لاحقة عندما يريد أن يسدد يمكن أن تكون هنالك عملية تنزيل جزء من الدين وعلى أساس أن يسدد كامل الدين، فهي اتفاق تم في فترة لاحقة. مشكلتنا الآن بعد استشراء عمليات البيوع بالتقسيط وقيام بيوع المرابحة في البنوك الإسلامية. إذا أصبحت هذه قاعدة مسلمة معروفة أنه إذا سدد مبكرًا خصم له جزء من العملية رسخنا مفهوم الفائدة الربوية، هذا الذي يجب أن ننتبه إليه. لذلك فقهاؤنا المعاصرون إذا أراد البنك دون اشتراط مسبق ودون أن يكون معروفًا عرفًا مستقرًّا، لأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، جاءه أحد المدينين وقال له أنا ظروفي الاقتصادية لا تسمح بأن أدفع كامل المبلغ، خذ هذا المبلغ الآن وأعجل لك في ما في ذمتي من ديون وتنزل لي جزءًا منه وفعل ذلك البنك، لا حرج في هذا ويكون ضمن قاعدة ضع وتعجل، لكن أن يصبح هذا تقليدًا راسخًا وثابتًا في المؤسسة المصرفية الإسلامية بحيث أن أي شخص يقوم بالدفع المبكر تنزل عنه كل النسب التي أضيفت على المدة سابقًا، فنحن قد دخلنا في دائرة الحرام. لذلك يجب أن نأخذ بقاعدة ضع وتعجل ونرجح رأي الفقهاء، لكن على ألا يكون ذلك التزامًا معروفًا مستقرًّا، وتحديدًا مسبقًا يعرفه المدينون باستمرار، لأنه لم يقل أحد من الفقهاء أن ضع هنا لها نسبة، لكن نخشى إذا أطلقنا القول، أن ضع هنا ستصبح لها نسبة، وهي نسبة الزيادة التي تمت على المبلغ ملاحظة للمدة. شكرًا.