٢ – بطريق الاستصناع يمكن إقامة المباني على أرض مملوكة للمستصنع بعقد مقاولة: فإذا كان عقد المقاولة يقوم على أساس أن المقاول هو الذي يأتي بمواد البناء ويتحمل جميع تكاليفه يسلمه جاهزًا (على المفتاح) فهذا يمكن أن يعتبر استصناعًا. وأن المجلة في المادة ٣٨٨ سمت استصناع السلاح مع معمل أسلحة: مقاولة.
ويشهد لما قلنا أن فقهاء الحنفية مجمعون على عد البناء وحده وهو قائم على أرضه من المنقولات وليس من العقار، فيأخذ حكم المنقولات إذا كان البناء لواحد والأرض لآخر. ففي هذه الحالة لا يجيزون وقف البناء وحده دون الأرض وإنما يجوزون وقفه مع الأرض تبعًا لها، إذ يشترط عندهم في المال الموقوف أن يكون عقارًا، فلا يصح عندهم وقف المنقولات إلا في حالات استثنائية كأدوات نقل الموتى والمصاحف والكتب.
وبطريق الأولوية يمكن اليوم استصناع المباني الجاهزة على أرض مملوكة للصانع المقاول نفسه كما يفعل اليوم تجار البناء إذ يشترون قطع الأراضي المناسبة وينشئون عليها بيوتًا للسكنى ويبيعونها جاهزة. فهذا بيع وشراء عادي للعقار المبني. فإذا عرضوا الأرض المقسمة إلى قطع مفرزة كل قطعة تصلح لأجل بيت لمن يختار منها قطعة ليبني صاحبها تاجر البناء له عليها البيت الذي يريد بالتقاسيم والأوصاف والكسوة التي يطلبها ويسلمه إياه جاهزًا بالثمن الذي يتفقان عليه، فذلك استصناع واضح.
وبطريق الأولوية يمكن اليوم استصناع البيوت المتنقلة الجاهزة التي يكن نقلها من أرض إلى أرض، مما لم يكن من الممكن تصوره في الماضي.
وهكذا نجد أن عقد الاستصناع قد دخل ويمكن أن يدخل في مجالات لا حدود لها في عصرنا الصناعي هذا، ويستفاد من استقلاله عن السلم والإجارة وشروطهما في الاستثمار الإسلامي على نطاق واسع.