للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا – الاستصناع عند الحنابلة:

وجدنا من الحنابلة من نص على عدم جواز الاستصناع، قال ابن مفلح في كتاب الفروع (٤/٢٤) : "ذكر القاضي وأصحابه: لا يصح استصناع سلعة، لأنه باع ما ليس عنده على غير وجه السلم ".

وفي الحاشية قال مراجع الكتاب: بهامش مخطوط الأزهر ما يأتي: قوله: "استصناع سلعة" يعني يشتري منه سلعة، ويطلب منه أن يصنعها له، مثل أن يشتري منه ثوبًا ليس عنده، وإنما يصنعه له بعد العقد، فهذا قد باع ما ليس عنده.

ومع هذا النص الذي يبين المنع، نرى الحنابلة – كالمالكية والشافعية – يتحدثون عما يتصل بالاستصناع تحت باب السلم، قال ابن قدامة في المغني (٤/٢١٣) : "لا يصح – أي السلم – فيما يجمع أخلاطًا مقصودة غير متميزة، كالغالية والند والمعاجين التي يتداوى بها للجهل بها...، ولا في الأواني المختلفة الرؤوس والأوساط، لأن الصفة لا تأتي عليه، وفيه وجه آخر أنه لا يصح السلم فيه إذا ضبط بارتفاع حائطه، ودور أعلاه وأسفله، لأن التفاوت في ذلك يسير. ولا يصح في القسي المشتملة على الخشب والقرن والغضب والتوز، إذ لا يمكن ضبط مقادير ذلك وتمييز ما فيه منها، وقيل: يجوز السلم فيها، والأولى ما ذكرنا".

وقال أيضًا (٤/٣١٤) : "يصح السلم في النشاب والنبل، وقال القاضي: لا يصح السلم فيهما، وهو مذهب الشافعي، لأنه يجمع أخلاطًا من خشب وعقب وريش ونصل، فجرى مجرى أخلاط الصيادلة ... ولنا أنه مما يصح بيعه، ويمكن ضبطه بالصفات التي لا يتفاوت الثمن معها غالبًا، فصح السلم فيه كالخشب والقصب وما فيه من غيره متميز يمكن ضبطه والإحاطة به، ولا يتفاوت كثيرًا، فلا يمنع كالثياب المنسوجة من جنسين".

وما ذكره ابن قدامة جاء أثناء بيان الشرط الأول من شروط صحة السلم وهو: أن يكون المسلم فيه مما ينضبط بالصفات التي يختلف الثمن باختلافها ظاهرًا. ثم انتقل إلى الشرط الثاني وهو: أن يضبطه بصفاته التي يختلف الثمن بها ظاهرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>