للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة المبحث

مما سبق نرى أن المذاهب الثلاثة لم تجعل الاستصناع عقدًا مستقلًّا، وإنما جعلوه ضمن السلم.

فالمالكية خصصوا جزءًا من كتاب السلم للسلم في الصناعات، أو السلف في الصناعات، وضربوا أمثلة لما كان يصنع في عصرهم، وأجازوه بشروط السلم.

أما الشافعية فقد أجازوا السلم فيما صنع من جنس واحد فقط كالحديد، أو النحاس، أو الرصاص، أو غيرها، ولم يجيزوه فيما يجمع أجناسًا مقصودة لا تتميز: كطست من نحاس وحديد، وكالغالية: وهي مركبة من دهن مع مسك وعنبر أو عود وكافور، وجعلوا مثل هذا لا يجوز إلا يدًا بيد.

وإجازتهم ما صب في قالب لا يخرج عن قولهم هنا، لا كما ذكره بعض الكاتبين، فإنهم لم يجيزوه إلا بالشرط السابق، أي أن يكون الأصل المذاب في القالب من جنس واحد، وما نقلته من أقوالهم ينص على هذا الشرط، وقد جعل الإمام الشافعي هذا الشرط عامًّا حيث قال بعد ذكره: "وهكذا كل ما استصنع".

أما ما يجمع أجناسًا مقصودة تتميز، كالقطن والحرير، فهو موضع خلاف بينهم، والأصح في المذهب الجواز بشرط علم العاقدين بوزن كل ما أجزائه.

والحنابلة لا يكادون يختلفون عن الشافعية إلا في القليل من الفروع التطبيقية.

ومن هذا نرى أن المذاهب الثلاثة أجمعت على عدم جواز الاستصناع إلا بشروط السلم، غير أن المالكية أجازوا استصناع أي شيء مما يعمل الناس في أسواقهم من آنيتهم أو أمتعتهم التي يستعملون في أسواقهم عند الصناع، على حين لم يجز الشافعية والحنابلة من هذه الأشياء ما جمع اجناسًا مقصودة لا تتميز.

<<  <  ج: ص:  >  >>