للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وضع الإمام الشافعي ضابطة في جواز السلم تكمن في ضبط أوصاف المسلم فيه، وكون هذه الأوصاف مما يمكن تحقيقها ومعرفتها، ولذلك لم يجز السلم في شيء مختلط مثل أن يشترط أن يعمل له طستًا من نحاس وحديد وذلك، لأنهما لا يخلصان فيعرف قدر كل واحد منهما (١) وعلى ضوء ذلك إذا أمكن معرفته بدقة – كما يحدث اليوم في المصانع التي تضبط المواصفات، والمقادير – بدقة يكون الحكم الجواز، غير أن لازم المذهب ليس بمذهب.

كذلك يذكر الحنابلة موضوع الاستصناع في باب السلم قال ابن قدامة: (قال القاضي والذي يجمع أخلاطًا على أربعة أضرب) ثم ذكر ضمن النوع الأول الثياب المنسوجة من قطن وكتان، ثم ذكر كيفية ضبط الثياب، وضبط النحاس، والرصاص والحديد، والخشب وهكذا ... (٢) وجاء في مطالب أولي النهى في باب السلم: (ويصح – أي السلم – فيما يجمع أخلاطًا متميزة كثوب نسج من نوعين كقطن وكتان، أو إبريسم، وقطن ... لإمكان ضبطها بصفة لا يختلف ثمنها معها غالبًا) (٣) .

وأما الحنفية فقد فرقوا بين نوعي الاستصناع، حيث جعلوا أحدهما سلمًا، جاء في الدر المختار وحاشيته: (والاستصناع بأجل – مثل شهر وما فوقه سلم، فتعتبر شرائطه جري فيه تعامل كخف وطست، ونحوهما، أم كالثياب ونحوها هذا عند أبي حنفية، أما الصاحبان فقالا: إن ما جرى فيه تعامل استصناع، لأن اللفظ حقيقة الاستصناع فيحافظ على قضيته، وحينئذ يحمل الأجل على التعجيل بخلاف ما لا تعامل فيه لأنه استصناع فاسد فيحمل على السلم الصحيح، بينما قال الإمام أبو حنيفة إن النوع الأول أيضا سلم، لأنه دين يحتمل السلم وهو ثابت بالإجماع بينما الاستصناع فيه خلاف فكان الحمل على السلم أولى.

وأما إذا كان الأجل أقل من شهر فهو استصناع ما دام فيما جرى فيه عمل وصنعه (٤) .


(١) الإمام، طبعة دار المعرفة بيروت: ٣/١٣١، ويراجع: الغاية القصوى، للبيضاوي، بتحقيق علي القره داغي: ١/٤٩٦؛ والمحلى مع حاشيتي القليوبي وعميرة، طبعة عيسى الحلبي: ٢/٢٥٤ ...؛ وروضة الطالبين، طبعة المكتب الإسلامي: ٤/٢٧
(٢) المغني، لابن قدامة، طبعة الرياض: ٤/٣١٠- ٣١٦ ويراجع: الفروع: ٤/٢٤.
(٣) مطالب أولي النهى: ٣/٣١٠
(٤) حاشية رد المحتار على الدر المختار: ٤/٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>