للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الثالث

أثر الاستصناع في تنشيط الحركة الصناعية

عقد الإمام أبو الحسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين بحثًا في وجوه المكاسب فقال: وجهات المكاسب المعروفة من أربعة أوجه: نماء زراعة، ونتاج حيوان، وربح تجارة، وكسب صناعة.

وحكى الحسن بن رجاء عن المأمون قال: سمعته يقول: معايش الناس على أربعة أقسام: زراعة وصناعة وتجارة وإمارة.

وبعد أن تكلم عن الزراعة وأنها مادة أهل الحضر وسكان الأمصار والمدن ونتاج الحيوان وهو مادة أهل الفلوات وسكان الخيام والتجارة وهي فرع لمادتي الزرع والنتاج أسهب القول في الصناعة وأنها وثيقة الصلة بالأسباب الثلاثة وأنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صناعة فكر وصناعة عمل وصناعة مشتركة بين فكر وعمل. وتكلم عن العمل الصناعي بأنه أعلاها رتبة لأنه يحتاج إلى معاطاة في تعلمه ومعاناة في تصوره.

وقال عكرمة في قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} ، قدر في كل بلدة منها ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد (١) .

وقد امتن الله على نبيه داود عليه السلام فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٢) .


(١) أدب الدنيا والدين: ص٢٠٨.
(٢) سورة سبأ: الآيتان١٠و١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>