للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

رأي المذهب الحنفي في عقد الاستصناع

يلزمنا أولا أن نبين حقيقة هذا العقد، ثم حكمه، وتكييفه، وشروط صحته وأركانه، وما يشترط في المعقود عليه، ثم صفة هذا العقد، وآثاره، وانتهاءه.

تعريف الاستصناع، لغة، واصطلاحا:

(أ) تعريفه لغةً:

الاستصناع مصدر للفعل استصنع واستصنع الشيء: أي دعا إلى صنعه، ويقال: اصطنع فلان بابا: إذا سأل رجلا أن يصنع له بابا، كما يقال: اكتتب: أي أمر أن يكتب له.

فمعناه لغة: طلب الصنعة، وفي القاموس: الصناعة ككتابة حرفة الصانع وعمله الصنعة، فعلى هذا الاستصناع لغة طلب عمل الصانع.

(ب) تعريف الاستصناع اصطلاحا:

عرف الحنفية عقد الاستصناع بتعريفات متعددة نورد منها ما يلي:

عرفه الكاساني بقوله: الاستصناع عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل (١) ، وعرفه ابن عابدين بقوله: " الاستصناع هو طلب العمل من الصانع في شيء خاص على وجه مخصوص يعلم مما يأتي .... " (٢) .

وعرفه البابرتي بقوله: " الاستصناع أن يجئ إنسان إلى صانع فيقول:

اصنع لي شيئا صورته كذا، وقدره كذا بكذا درهما، ويسلم إليه جميع الدراهم، أو بعضها أو لا يسلم " (٣) .

ومثله تعريف الكمال بن الهمام: "الاستصناع طلب الصنعة وهو أن يقول لصانع خف أو مكعب أو أواني الصفر: اصنع لي خفا طوله كذا وسعته كذا أو دستا – أي برمة – تسع كذا، ووزنها كذا على هيئة كذا بكذا، ويعطى الثمن، أو لا يعطى شيئا، فيعقد الآخر معه (٤) وعرفه ابن نجيم بقوله: الاستصناع أن يقول لصاحب خف أو مكعب أو صفار اصنع لي خفا طوله كذا أو سعته كذا، أو دستا - أي برمة - تسع كذا ووزنها كذا على هيئة كذا بكذا، ويعطى الثمن المسمى، أو لا يعطى شيئا، فيقبل الآخر منه. (٥) .

وعرفه في مجلة الأحكام العدلية في المادة (١٢٤) :

" الاستصناع عقد مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئا، فالعامل صانع، والمشتري مستصنع والشيء مصنوع.

ويتضح من تعريف الاستصناع عند الحنفية ما يأتي:

(أ) أنه تعاقد بين: صاحب صنعة – وهو الصانع – وآخر هو " المستصنع ".

(ب) أن المبيع (الشيء المصنوع) هو مبيع في الذمة، شرط فيه العمل – وحددت أوصافه المميزة له عن غيره من وزن وهيئة وغير ذلك.

(ج) أن الثمن معلوم ومحدد، ويصح أن يعطيه المستصنع للصانع مقدما عند التعاقد، ويصح أن يعطيه قدرا منه والباقي عند استلام " الشيء المصنوع " ويصح أن يؤخره إلى أنه يتسلم " المصنوع ".


(١) بدائع الصنائع: ٥/٢،٣،٤
(٢) حاشية رد المحتار: ٥/٢٢٣
(٣) شرح فتح القدير: ٥/٣٥٤
(٤) شرح فتح القدير ٥/٣٥٤.
(٥) البحر الرائق كنز الدقائق: ٦/١٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>