للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعية عقد الاستصناع:

اختلف الفقهاء في جواز عقد الاستصناع إلى رأيين:

الرأي الأول:

يرى أنه لا يجوز عقد الاستصناع، وهو قول زفر من الحنفية وكذا المالكية والشافعية والحنابلة (مع إيجاد بديل لهذا العقد في المذاهب الثلاثة) كما سيأتي بيانه:

إن القياس يقتضي عدم جواز عقد الاستصناع، وذلك لأنه لا يمكن أن يكون عقد إجارة، لأنه استئجار على العمل في ملك الأجير، وذلك لا يجوز، كما لو قال شخص لآخر: أحمل طعامك من هذا المكان إلى مكان كذا بكذا، أو قال له: أصبغ ثوبك أحمر بكذا، فإنه لا يصح.

وكذلك لا يمكن أن يكون عقد الاستصناع " عقد بيع " باعتبار أن " المستصنع " فيه مبيع لأنه بيع معدوم، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان أي أن بيع ما يكون موجودا مملوكا لغير العاقد لا يجوز للنهي عنه، والصنعة المطلوبة – حال العقد – هي معدومة وغير موجودة فتكون أولى بعدم الجواز.

وأيضا فإنه لا يمكن أن يكون (سلما) (١) لأن هذا ليس بسلم، لأنه لم يضرب له أجل، ومن شروط صحة السلم أن يكون المعقود عليه وهو (المسلم فيه) مؤجلا (٢) ، وذلك عند الحنفية والمالكية والحنابلة خلافا للشافعية (٣) .


(١) عرف الحنفية السلم بقولهم: " بيع الدين بالعين " فإن السلم فيه مبيع، وهو دين، ورأس المال قد يكون عينا وقد يكون دينا، ولكن قبضه شرط قبل افتراق العاقدين بأنفسهما، فيصير عينا. اهـ. في حاشية أحمد الشلبي هامش تبيين الحقائق: ٤/١١٠. * وعرفه المالكية بـ " عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغير عين ولا منفعة، غير متماثل العوضين ". قال ابن عرفة: الحطاب: ٤/٥١٤. * وعرفه الشافعية بـ " بيع موصوف في الذمة ...". قال الشارح هذه خاصته المتفق عليها. مغني المحتاج: ٢/١٠٢. وعرفه الحنابلة بـ " عقد على شيء يصح بيعه " موصوف في الذمة، مؤجل – أي الموصوف – بثمن مقبوض في مجلس العقد. قال في المبدع: واعترض بأن قبض الثمن شرط من شروطه، لا أنه داخل في حقيقته فالأولى أنه " بيع موصوف في الذمة إلى أجل " وأجمعوا على جوازه. كشف القناع: ٣/٢٨٩
(٢) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " متفق عليه. وبهذا أخذ جمهور الفقهاء
(٣) جاء في مغني المحتاج: ٢/١٠٥، " ويصح السلم حالا ومؤجلا ... وإنما يصح حالا إذا كان المسلم فيه موجودا عند العقد، وإلا اشترط فيه الأجل ..."

<<  <  ج: ص:  >  >>