للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الثاني:

يرى جواز عقد الاستصناع استحسانا وهو رأي الحنفية غير زفر، والمالكية في بعض الصور ووجه الاستحسان ما يلي:

١- أن التعامل بالاستصناع يرجع إلى الإجماع العملي من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم من غير نكير، والتعامل بهذه الصفة أصل مندرج في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تجتمع أمتي على ضلالة "، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ".

٢- وقد استصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما: " واستصنع منبرا " (١) .

٣- وقد احتجم صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام. مع أن مقدار عمل الحجامة، وعدد كرات وضع المحاجم، ومصها، غير لازم عند أحد ومثله شرب الماء من السقاء.

* وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجود الحمَّام، فأباحه بمئزر، ولم يبين له شرطا وتعامل الناس بدخوله من لدن الصحابة والتابعين (رضوان الله عليهم) على هذا الوجه إلى الآن، وهو لا يذكر عدد ما يصبه من ملء الطاسة ونحوها، فقصرناه على ما جرى به التعامل.

* ومن ثم قصر الحنفية جواز عقد الاستصناع على ما فيه تعامل، وأما ما لا تعامل فيه فقد رجعوا فيه إلى القياس، فقالوا بعدم جوازه، كأن يستصنع حائكا أو خياطا لينسج له، أو يخيط قميصا بغزل نفسه " (٢) .

* وقال المالكية في بعض الصور بذلك – كما سيأتي، وهو ما سمي بـ " بيعة أهل المدينة " (٣) على تفصيل وضوابط سيأتي بيانها.


(١) شرح فتح القدير: ٥/٣٥٥، وتبيين الحقائق: ٤/١٢٣
(٢) تبيين الحقائق: ٤/١٢٣
(٣) يراجع ص٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>