فإذا ضرب للاستصناع أجل، وقد اختلف في اعتباره استصناعا إلى رأييين عند الحنفية:
الرأي الأول: رأي أبي حنيفة.
(يرى الإمام أبو حنيفة أنه إذا ضرب المتعاقد للاستصناع أجلا صار سلما، حتى يعتبر فيه شرائط السلم، وهو قبض البدل في المجلس ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي شرط عليه في السلم.
أما عقد الاستصناع فقد ثبت فيه خيار الرؤية، فإذا رآه المستصنع فهو بالخيار إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، لأنه اشترى ما لم يره – خلافا لأبي يوسف – ومن هنا افترقا.
ووجه قول أبي حنيفة:
أنه إذا ضرب أجلا في الاستصناع فقد أتي بمعنى السلم (إذ السلم عقد على مبيع في الذمة مؤجلا) (١) والعبرة في العقود لمعانيها، لا لصور الألفاظ فيها، ألا ترى أن البيع ينعقد بلفظ التمليك، وكذا الإجارة، وكذا النكاح على أصلنا، ولهذا صار سلما فيما لا يحتمل الاستصناع، وهو ما لم يجر التعامل فيه وكذا هذا الذي ضرب فيه أجلا.
- ولأن التأجيل يختص بالديون، لأنه وضع لتأخير المطالبة، وتأخير المطالبة إنما يكون في عقد فيه مطالبة، وليس ذلك إلا السلم إذ لا دين في الاستصناع، ألا ترى أن لكل واحد منهما خيار الامتناع من العمل قبل بالاتفاق، ثم إذا صار سلما يراعى فيه شرائط السلم، فإن وجدت صح سلما، وإلا لم يصح.