للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبرز شروطه: بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته بما ينفي الجهالة المفضية للمنازعة، وأن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس، واشترط الإمام أبو حنيفة أن لا يكون فيه أجل وإلا انقلب سلمًا، وقال الصاحبان ليس هذا بشرط، والعقد استصناع على كل حال حدد فيه أجل أم لا، لأن العادة جارية بتجديد الأجل في الاستصناع، وقولهما هو الأولى بالأخذ لتمشيه مع الحياة العملية (١) .

وصفته؛ أنه عقد غير لازم قبل الصنع؛ وبعد الفراغ من الصنع، ولكل من العاقدين الخيار في إمضاء العقد أو فسخه والعدول عنه، قبل رؤية المستصنع للشيء المصنوع، فإذا جاء الصانع بالشيء المصنوع إلى المستصنع، فقد سقط خياره لأنه رضي بكونه للمستصنع حيث جاء به إليه، وحينئذ إذا رآه المستصنع فله الخيار؛ إن شاء أخذه وإن شاء تركه، وفسخ العقد، عند الإمامين أبي حنيفة ومحمد، لأنه اشترى شيئًا لم يره، فكان له خيار الرؤية، بخلاف الصانع فهو بائع فلا خيار له.

وقال الإمام أبو يوسف: العقد لازم إذا رأى المستصنع المصنوع ولا خيار له إذا جاء موافقًا للطلب والشروط، لأنه مبيع، بمنزلة المسلم فيه، فليس له خيار الرؤية لرفع الضرر عن الصانع في إفساد المواد المصنوعة التي صنعها وفقًا لطلب المستصنع فربما لا يرغب غيره في شرائه على تلك الصفة، قلت؛ والقول برأي أبي يوسف أجدر بالترجيح في هذا العصر للحاجة إلى تثبيت العقود وعدم خلخلتها واهتزازها في عصر فسدت فيه الذمم، هذا حكم الاستصناع في حق المستصنع، وأما حكمه في حق الصانع فثبوت الملك اللازم إذا رآه المستصنع ورضي به ولا خيار له وهذا في ظاهر الرواية (٢) وبعد؛ فيجوز عدم وجود المعقود عليه في بيع الاستصناع في رأي بعض الحنفية (٣) .


(١) انظر البدائع: ٥/٣، ٢١٠؛ وفتح القدير: ٥/٣٥٠ وما بعدها؛ ورد المحتار: ٤/٢٢٣؛ والمبسوط: ١٢/١٢١؛ والفقه الإسلامي وأدلته: ٤/٢٤٣ وما بعدها، الطبعة الأولى.
(٢) انظر المبسوط: ١٢/١٣٩ وما بعدها؛ وشرح المجلة للأتاسي: ٢/٤٠٠ وما بعدها.
(٣) راجع الفقه الإسلامي وأدتله: ٤/٢٤٣، وما بعدها؛ وشرح المجلة للأتاسي الصفحة ذاتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>