للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنع التصرف بالمعدوم وبما يستحيل وجوده قاعدة عامة لا مراء فيها لكن استثنى الفقهاء من هذه القاعدة مجموعة من العقود كعقد السلم والإجارة والمساقاة والاستصناع إذ السلم بيع آجل بعاجل أي بيع ما ليس بموجود بثمن حال كما يفعل الزراع مع التاجر فيبيع المحصول الزراعي قبل الحصاد وقد أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم". والإجارة عقد على منافع بعوض ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع وكذلك الاستصناع هو عقد على عمل الصانع بأن يصنع مثلًا شيئًا نظير عوض معين بخدمات من عنده كما نفعله مع الخياطين والنجارين والحدادين مثلًا وقد أجيز بالإجماع لحاجة الناس إلى التعامل به في كل زمان ومكان وهذه العقود الثلاثة المعقود عليه غير موجود عند إنشاء العقد فالإباحة استثناء من المنع الأصلي واستحسانًا لحاجة الناس إليها وتعارفهم عليها. وعليه فهو رخصة إذ هو استثناء من بيع ما ليس عندك وبشكل كونه رخصة بتعريفها بأنها انتقال من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي وذلك لأن الاستصناع والمزارعة والمغارسة والسلم ونحوها لم تكن ممنوعة ثم أبيحت حتى يتحقق التغيير.

والجواب على هذا أن الرخصة تطلق بإزاء أربعة أشياء يطلق لفظ الرخصة على ما وضع عن هذه الأمة من التكاليف الغليظة والأعمال الشاقة التي دل عليها قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}

وقوله: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}

وقوله: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}

فالرخصة هنا راجعة إلى معنى اللين وهو الأصل فيها وتطلق الرخصة على ما كان من المشروعات توسعة على العباد مما هو راجع إلى نيل حظوظهم وقضاء أوطارهم. والعزيمة الأولى هي التي نبه إليها قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} .

وقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا} الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>