للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرائط جوازه ثلاثة:

الأول: بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره ووصفه، لأنه لا يصير معلومًا بدونها (١) وزاد البعض (٢) : وبكل ما يصير به معلومًا علمًا لا يؤدي إلى نزاع، مع العلم أن المعقود عليه في الاستصناع شيئان: العين والعمل، وعليهما انبنى هذا العقد. والبيان المقصود من هذا الشرط يكون في كل شيء بحسبه، ومن شأنه أن يزول به كل غموض، ويبعد به شبح النزاع.

والمقصود الأصلي في هذا العقد إنما هو العين، وهو مشهور المذهب الحنفي، وهو ما صرح به في الهداية (٣) فقال: والمعقود عليه العين دون العمل. وقال الكمال بن الهمام: وهذا نفي لقول سعيد البردعي، إذ أن المعقود عليه العمل، لأن الاستصناع ينبئ عنه (٤)

وقال السرخسي: والأصح أن المعقود عليه: المستصنع فيه، أي العين، وذكر الصنعة، أي العمل (٥) ، لبيان الوصف، فإن المعقود عليه إنما هي العين بعد تكييفها بالعمل، حسب المواصفات التي طلبها المستصنع.

الثاني: أن يكون المراد صنعه مما يجري فيه التعامل بين الناس، ومثل له الكاساني بأواني الحديد والرصاص والنحاس والزجاج والخفاف والنعال ولُجم الحديد للدواب ونصول السيوف والسكاكين والقسي، ونحو ذلك.

ثم قال: ولا يجوز في الثياب، لأن القياس يأبى جوازه (٦) ، أي أن هذه الأشياء جرى فيها التعامل بإجماع المسلمين، فأجيزت استحسانًا لا قياسًا، تيسيرًا على الناس، والثياب لم يثبت تعامل الناس به استصناعًا، فلا يثبت بالقياس.

والقاعدة فيما جرى فيه التعامل قد عبر عنها الكمال بن الهمام بقوله: فقصرنا جواز الاستصناع على ما فيه تعامل، وما لا تعامل فيه رجعنا فيه إلى القياس كأن يستصنع حائكًا أو خياطًا لينسج له أو يخيط قميصًا بغزل نفسه (٧)

ومثل هذا المعنى ورد في الفتاوى الهندية (٨)

وقال ابن عابدين: ما فيه تعامل استصناع، لأن اللفظ حقيقة للاستصناع فيحافظ على قضيته بخلاف ما لا تعامل فيه لأنه استصناع فاسد فيحمل على السلم الصحيح (٩) وهو مذهب الإمامين.


(١) بدائع الصنائع، للكاساني: ١/٣، والموسوعة الفقهية: ٣/٣٢٨
(٢) موسوعة جمال عبد الناصر: ٧/٩٢
(٣) الهداية، للمرغيناني: ٦/٢٤٣
(٤) فتح القدير، للكمال بن الهمام: ٦/٢٤٣
(٥) المبسوط، للسرخسي:١٢/٣٩
(٦) الكاساني، بدائع الصنائع: ٥/٣
(٧) فتح القدير: ٦/٢٤٢
(٨) الفتاوى الهندية، للعلامة نظام: ٣/٢٠٣
(٩) حاشية ابن عابدين: ٤/٢١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>