للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن هذه التفرقة التي ذكرها الهندواني صحيحة إلى أبعد مدى، لأن ما تعارف عليه الناس في هذا العصر، وفي العصور الماضية أيضًا، أن الذي يطلب تحديد الأجل في الاستصناع إنما هو المستصنع الذي له رغبة في إحضار المصنوع والانتفاع به في أقرب وقت، فهو إذًا من الآجال الاستعجالية أما الصانع فليس من منفعته التعجيل، بل بالعكس، فهو لا يرغب إلا في الإمهال. وبذلك كانت الآجال الاستعجالية من خصائص الاستصناع، فلا تصير بها عقود الاستصناع سلمًا. أما إذا كانت الآجال من الصانع قصد الإمهال. فإن عقود الاستصناع تنقلب بها سلمًا، لأن الأجل في السلم إنما اشترط لإمهال المسلم إليه وهو ما شرع إلا ترفيهًا وتيسيرًا عليه من الاكتساب في المدة.

فمقصد الأجل في الاستصناع والسلم مختلف، فيمكن أن يوجد الأجل في كليهما ويبقى الاختلاف بارزًا بينهما، وهذا ما يرجح، في نظري، مذهب الإمامين في عدم اشتراط الأجل، وصحة الامتناع بذكر الأجل أو عدمه.

وقد لخص شارح المجلة العدلية علي حيدر مسائل الاستصناع في خمس صور ضبطها على الصورة التالية:

الأولى: إذا لم تبين المدة في الأشياء التي جرى التعامل باستصناعها، فالعقد عقد استصناع بالإجماع عند الحنفية.

الثانية: إذا كانت المدة أقل من شهر، أي لم تبلغ المدة التي يصح بها السلم، والأشياء مما جرى التعامل بها على الاستصناع، فهو كذلك عقد استصناع بالإجماع.

الثالثة: إذا كانت المدة المبينة في الأشياء التي تستصنع عادةً شهرًا أو أكثر من شهر، فهو عقد استصناع عند الصاحبين، وعقد سلم عند الإمام.

الرابعة: إذا كانت المدة لأقل من شهر، أي للأجل الذي يصح به السلم، والأشياء مما لم تستصنع عادةً، فهو سلم بالإجماع.

الخامسة: إذا لم تبين المدة في الأشياء التي لم يجر التعامل بها على وجه الاستصناع فهو عقد استصناع فاسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>