للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد الاستصناع بين الإلزام وعدمه

الالتزام أثر عام لجميع العقود فما من عقد صحيح إلا وينشئ التزامًا معينًا على أحد عاقديه أو التزامات متقابلة معينة بينهما، وموزعة عليهما، هي من الآثار الخاصة للعقد (١)

وهناك فرق بين اللزوم والالتزام:

فاللزوم أمر يقرره المشروع إذا توفرت شروط معينة في التصرف.

أما الالتزام فهو ما يقرره الشخص باختياره ابتداء. وأثره المباشر شغل ذمته بأمر (٢)

وقد قسم الفقهاء العقود إلى نوعين: عقود لازمة، وعقود غير لازمة.

أما العقود اللازمة فأنواع ثلاثة:

الأول: عقود لازمة بحق الطرفين، ولا تقبل الفسخ بطريق الإقالة كالزواج.

الثاني: عقود لازمة بحق الطرفين، وتقبل الفسخ بطريق الإقالة، كالبيع والصلح.

الثالث: العقود اللازمة بحق أحد الطرفين، كالرهن والكفالة.

أما العقود غير اللازمة فهي تسعة عقود قسمت إلى ثلاثة أنواع بحسب كون عدم اللزوم فيها مطلقًا أو مقيدًا، وكونه أصليًّا أو استثنائيًّا (٣)

النوع الأول: عقود غير لازمة مطلقًا في حق كلا الطرفين، وهي ثلاثة: الإيداع والإعارة والمضاربة والشركة. (٤)

فالإيداع مثلًا عقد يرد على حفظ الشيء لدى غير صاحبه، فلكل من الطرفين، أعني: المودع والوديع المكلف بالحفظ، أن يفسخ عقد الإيداع بمحض إرادته. ذلك لأن المودع مستعين بغيره على الحفظ، فله أن يترك هذه الاستعانة متى شاء. ولأن الوديع متطوع بالمعونة في هذا الحفظ، فله أن يتخلى عن هذه المعونة متى شاء.

النوع الثاني: عقود الأصل فيها عدم اللزوم، ولكنها تلزم في بعض الأحوال، وهي أربعة: الوكالة والتحكيم والوصية والهبة (٥)

فالوكالة مثلًا عقد يفوض به الإنسان غيره وينيبه عن نفسه في التصرف. فلكل من الطرفين أن يفسخ عقدها متى شاء، إلا إذا تعلق بها حق شخص ثالث فتصبح لازمة.

ويمتنع فيها العزل والفسخ بلا رضا ذلك الشخص.


(١) المدخل الفقهي العام، لمصطفى الزرقاء: ١/٤٣٦
(٢) نظرية الالتزام، للعطار: ص١٨
(٣) المدخل الفقهي العام، لمصطفى الزرقاء: ١/٤٤٨ - ٤٥٧
(٤) المدخل الفقهي العام، لمصطفى الزرقاء: ١/٤٤٨ - ٤٥٧
(٥) المدخل الفقهي العام، لمصطفى الزرقاء: ١/٤٤٨ - ٤٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>