للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللجنة ترجح رأي أبي يوسف الذي أخذت به المجلة، وترى لزوم عقد الاستصناع، لما يترتب على استقلال أحد الطرفين بفسخه من المضار، إلا إذا جاء على خلاف الوصف.

وهذا نفس التعليل الذي ذكره شارح المجلة علي حيدر حيث قال (١) : لأنه لو جُعل خيار للمستصنع لَلَحِقَ بالبائع أضرار، لأنه قد لا يرغب في المصنوع أحد غير المستصنع.

وقد جاء في التقرير الهمايوني للمجلة العثمانية (٢) التنبيه على ترجيح قول أبي يوسف في الاستصناع، وعند الإمام الأعظم للمستصنع الرجوع بعد عقد الاستصناع. وعند الإمام أبي يوسف رحمة الله عليه أنه إذا وجد المصنوع موافقًا للصفات التي بينت وقت العقد فليس له الرجوع، والحال أنه في هذا الزمن قد اتخذت معامل كثيرة تصنع فيها البواخر والمدافع ونحوها بالمقاولة. وبهذا صار الاستصناع من الأمور الجارية العظيمة، فتخيير المستصنع في إمضاء العقد أو فسخه يترتب عليه الإخلال بمصالح جسيمة، لذلك لزم اختيار قول أبي يوسف رحمه الله في هذا مراعاة لمصلحة الوقت.

ورأيي أن ما اعتمدته المجلة هو الذي يحقق المصلحة المرجوة من تجويز عقد الاستصناع، وأن إبقاء الخيار لهما ربما كان في الماضي يحقق مصلحة الطرفين، عندما كان الاستصناع يتوجه إلى أشياء صغيرة وقليلة الأهمية، وهذا يظهر من أمثلة عقود الاستصناع التي أشارت إليها كتب الفقه في الماضي.

أما وقد أصبحت هذه العقود تجري في أشياء ذات أهمية كبيرة، وتمثل مبالغ مالية طائلة، وتحقق أهدافًا اقتصادية في أعلى مستوى فلا يجوز أن تبقى على الخيار بين الطرفين.

أما إذا فرغ الصانع من عمله، فلذلك حالتان:


(١) درر الحكام شرح مجلة الأحكام: ١/٣٦١
(٢) مجلة الأحكام العثمانية: ١/١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>