للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: ما قبل الرؤية: فقد ذكر في الأصل للإمام محمد عدم لزوم العقد بالنسبة للطرفين أيضًا. ذلك لأنه بالنسبة إلى المستصنع يرى أنه شراء لما لم يره، فكان له الفسخ وبالنسبة إلى الصانع، يرى أن العقد لم يقع على هذا المصنوع عينًا، إنما وقع على المبيع في الذمة، وإنما يتعين المصنوع محلًّا للعقد إذا ما رآه المستصنع فرضي به، ألا ترى أن الصانع لو باع المصنوع إلى غير المستصنع جاز بيعه وليس للمستصنع أن يعترض أو ينقض البيع؟.

وهذا الرأي هو الذي اعتمد في التحفة (١) وفتح القدير (٢) والبدائع (٣) وعلله الكاساني بأن العقد ما وقع على عين المعمول، بل على مثله في الذمة لأنه لو اشترى من مكان آخر وسلم إليه جاز، ونسب هذا القول لأبي حنيفة وصاحبيه.

الثانية: إذا قدم الصانع العمل إلى المستصنع:

فإما أن يقدمه موافقًا لكل المواصفات أو لا: فالأول يسقط معه خيار الصانع ويبقى خيار المستصنع.

أما سقوط خيار الصانع فلأنه بإحضار المصنوع إلى المستصنع على الصفة المشروطة تعين أن يكون بائعًا وليس للبائع خيار رؤية.

وهذا بخلاف حال المستصنع فإن له الخيار لأنه لا يزال مشتريًا لما لم يره وجاء في البدائع: أما إذا أحضر الصانع العين على الصفة المشروطة، فقد سقط خيار الصانع وللمستصنع الخيار، لأن الصانع بائع، فلا خيار له، أما المستصنع فمشتري ما لم يره، فكان له الخيار.. ولأن الصانع بالإحضار أسقط حق نفسه فبقي خيار صاحبه على حاله.

ثم قال الكاساني (٤) وهذا ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وصاحبيه.. وروي عن أبي حنيفة أن لكل واحد منهما الخيار، وروي عن أبي يوسف أنه لا خيار لهما جميعًا.


(١) التحفة: ٢/٦٢٩
(٢) فتح القدير: ٦/٢٤٣
(٣) الكاساني: بدائع الصنائع: ٥/٣
(٤) بدائع الصنائع، للكاساني: ٥/٤

<<  <  ج: ص:  >  >>