للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيار الرؤية

شرعية خيار الرؤية:

لقد تقدم أن الصانع إذا قدم المصنوع للمستصنع فله خيار الرؤية على مذهب أبي حنيفة، خلافًا لأبي يوسف الذي لا يثبت له هذا الخيار ما دام متمتعًا بخيار الوصف إذا كان المصنوع غير موافق للأوصاف المطلوبة، وخيار العيب إذا كان النقص من قبيل العيب.

وقول أبي يوسف هذا يشبه كثيرًا قول المالكية بجواز بيع الغائب على الصفة، إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير صفته قبل القبض فإذا جاء على الصفة المذكورة كان البيع لازمًا، إذ أن هذا يعتبر من الغرر اليسير وإن خالف الصفة المتفق عليها فللمشتري خيار الصفة (١)

وقلنا فيما مضى: إن العين في الاستصناع لم تكن معدومة، ولكنها مملوكة للبائع، وتسلم له حسب الأوصاف التي طلبها المستصنع.

والحنفية يجوزون بيع العين الغائبة من غير رؤية ولا وصف، فإذا رآها المشتري كان له الخيار، فإن شاء أنفذ البيع وإن شاء رده.

وكذلك المبيع على الصفة يثبت فيه خيار الرؤية.

وإذا كان للمشتري خيار الرؤية فلا غرر عليه، ولا تؤدي الجهالة إلى النزاع مطلقًا.

واستدلوا بالحديث الذي أخرجه الدارقطني في سننه مسندًا.. عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اشترى شيئًا لم يره فهو بالخيار، إذا رآه)) ورواه البيهقي والدارقطني في سننيهما بزيادة: ((إن شاء أخذه وإن شاء رده)) (٢) مرسلًا.

ويؤيده ما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنه باع أرضًا بالبصرة من طلحة بن عبيد الله، فقيل لطلحة بن عبيد الله: إنك قد غبنت، فقال: لي الخيار، لأني اشتريت ما لم أره، وقيل لعثمان: إنك قد غبنت، فقال: لي الخيار، لأني بعت ما لم أره فحكما بينهما جبير بن مطعم فقضى بالخيار لطلحة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، أخرجه الطحاوي،وفي رواية البيهقي عن علقمة بن أبي وقاص زاد ولا خيار لعثمان. انتهى (٣)


(١) بداية المجتهد، لابن رشد: ٢/١٥٤، الشرح الكبير، للدردير: ٣/٣٥
(٢) نصب الراية لأحاديث الهداية، لعبد الله بن يوسف الزيلعي: ٤/٩
(٣) نصب الراية لأحاديث الهداية، لعبد الله بن يوسف الزيلعي: ٤/٩،١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>