للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيار العيب

البيع المطلق من شرط البراءة من كل عيب يقتضي سلامة المبيع من العيب لأن الأصل هو السلامة وهي وصف مطلوب مرغوب عادةً وعرفًا والمطلوب عادةً كالمشروط نصًّا (١) فإذا لم تتوفر السلامة يتأثر العقد في لزومه وفي أصل حكمه. وصفة حكم البيع لشيء معيب هو أنه يفيد أن الملك غير لازم، لأن سلامة البدلين مطلوبة عادةً في عقد المعاوضة، لأن غرضه الانتفاع بالمبيع ولا يتعامل انتفاعه إلا بقيد السلامة لأنه لم يدفع الثمن إلا ليسلم له جميع المبيع فكانت السلامة مشروطة في العقد دلالة ولذلك كان العاقد بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء رده (٢)

مشروعية خيار العيب:

الأصل في مشروعية هذا الخيار أحاديث وردت عن رسول صلى الله عليه وسلم منها:

١- ما رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا وفيه عيب إلا بينه له)) (٣)

٢- ما رواه مسلم وأبو داود والترمذي وأحمد عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعامًا فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول، فقال: ((من غشنا فليس منا)) (٤)

٣- ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من ابتاع شاة مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعًا من تمر)) (٥)

٤- وروي عن أحمد في مسنده (من اشترى شاة محفلة مصراة فهو بخير النظرين) .

٥- وقال الكاساني: الأصل في مشروعية هذا الخيار ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من اشترى شاة محفلة فوجدها مصراة فهو بخير النظرين ثلاثة أيام)) ، وفي رواية: ((فهو بأحد النظرين إلى ثلاثة، إن شاء أمسك وإن شاء رد ورد معها صاعًا من تمر)) . ثم قال: والنظران المذكوران هما نظر الإمساك والرد، وذكر الثلاث في الحديث ليس للتوقيت بل هو على الغالب المعتاد، والصاع من التمر كأنه قيمة اللبن الذي حلبه المشتري (٦) ، وجمهور الفقهاء يعتبرون تصرية الإبل والغنم تغريرًا فعليًّا في الوصف يوجب للمغرور خيارًا في إبطال العقد ولو لم يصحبه غبن وهو من باب التغرير في الوصف (٧)


(١) مجمع الأنهر: ٢/٤٠
(٢) مجمع الأنهر: ٢/٢٣، ٤٠، الفقه الإسلامي وأدلته: ٤/٣٥٥، وفتح القدير: ٦/٢، والكاساني: ٥/٢٧٤
(٣) نيل الأوطار، للشوكاني: ٥/٢١١
(٤) جامع الأصول: ١/٤١٩، ونيل الأوطار: ٥/٢١٢
(٥) مختصر مسلم رقم الحديث: ص ٩٢٨
(٦) بدائع الصنائع، للكاساني: ٥/٢٧٤، محفلة، تجمع اللبن في ضرعها - مصراة: ترك حلبها حتى يجمع لبنها فيكثر بعد ربط أخلاف حلماتها.
(٧) بدائع الصنائع، للكاساني: ٥/٢٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>