للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي فقهاء المذاهب في حرية الشروط العقدية

ومن هنا نعلم أن هناك شروطًا تعتبر ميدانًا لإرادة العاقدين أطلق فيها الشرع حرية إرادة المتعاقدين ضمن حدود حقوقهم في أحكام والتزامات تثبت بالعقد مبدئيًّا ويعتبر العقد المسمى قائمًا بين الطرفين على أساسها.

وأن هناك من جهة أخرى شروطًا ممنوعة شرعًا لا سلطان لإرادة العاقدين فيها لأنها تمس أحكامًا أساسية تعتبر من مقاصد الشريعة الإسلامية ونظامها العام.

رأي المذهب الحنبلي:

ويقول الزرقاء: وهذا هو مبنى الاجتهاد الحنبلي بحسب نصوص فقهائه المختلفة وهو أوسع الاجتهادات الفقهية الإسلامية وأرحبها صدرًا بمبدأ سلطان الإرادة ويتفق جوهر نظريته فيه مع النظريات القانونية الحديثة في الفقه الأجنبي. ومثله مذهب شريح القاضي ومذهب عبد الله بن شبرمة الكوفي. وعلى هذا الرأي بعض فقهاء المذهب المالكي (١)

رأي بقية المذاهب الأخرى:

أما الحنفية فإنهم وإن توسعوا في مفهوم الاستصناع وسايروا تطور الصناعات والعمران وأجازوا استصناع السلعة على مذهب أبي يوسف، وعلى مذهبه استقر عمل الأحناف على القول بصحته وأدرجوه في مجلة الأحكام العثمانية وجرى عرف الناس في سائر الأمصار على العمل به وكأنه السبب الذي جعل الناس تؤمن بأن المذهب الحنفي قادر على التطور ويستجيب لمقتضيات الزمن وللمعاملات الحديثة.. إلا أنه في الآن نفسه، وقف المذهب الحنفي أمام عقبة كأداء وهي الشروط الجديدة التي اقتضاها تطور الميدان الصناعي والمقاولات عمومًا فليس للمتعاقدين في هذا المذهب أن يشترطا من الشروط ما يخالف مقتضى العقد، وهي الأحكام الأساسية التي نص عليها الشرع مباشرةً أو استنبطها الاجتهاد حفظًا للتوازن بين العاقدين في الحقوق.

وعلى نفس هذا الاتجاه نظر جمهور الفقهاء المالكية ثم الاجتهاد الشافعي (٢)


(١) المدخل الفقهي العام: ٢/٤٨٠
(٢) المدخل الفقهي العام: ١/٤٧٦، فقرة ٢١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>