للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني: قول من اعتبر الاستصناع عقدًا:

يرى الإمام أبو يوسف وبعض المتأخرين أنه عقد. جاء في المبسوط (وعن أبي يوسف قال: إذا جاء به كما وصفه له فلا خيار للمستصنع استحسانًا) (١)

وجاء في فتح القدير: (والصحيح من المذهب جوازه بيعًا) (٢)

وقد أيدوا وجهة نظرهم بما يلي:

١- إن في هذا القول دفع الضرر عن الصانع في إفساد أمتعته وآلاته فربما لا يرغب غيره في شرائه على تلك الصفة ولو قيل بثبوت الخيار لثبت الضرر) (٣)

٢- الصانع يملك الدراهم بقبضها ويضمنها ولو كانت مواعدة لم يملكها (٤)

٣- إثبات خيار الرؤية فيه والمواعدة لا تلزم فلا حاجة لخيار الرؤية فيها) (٥)

٤- تجويزه فيما فيه تعامل دون ما ليس فيه تعامل يؤيد أنه عقد إذ لو كان وعدًا لجاز في الجميع. (٦)

٥- أن محمدًا رحمه الله ذكر فيه القياس والاستحسان وهما لا يجريان في المواعدة (٧)

٦- وتسميته شراء حيث قال محمد: إذا رآه فهو بالخيار لأنه اشترى ما لم يره (٨) فاعتباره شراء دليل على أنه عقد.

٧- قالوا أيضًا يجرى فيه التقاضي وإنما يتقاضي في الواجب لا الموعود (٩)

الترجيح:

بعد استعراض آراء الطرفين في اعتبار الاستصناع عقدًا أو وعدًا يتضح رجحان قول القائلين بأنه عقد، لقوة الأدلة بجانب ما ذكره الذين ذهبوا إلى أنه وعد وما أيدوا قولهم به من أقوال لا تقاوم أدلة الذين اعتبروه عقدًا حيث أن ما ورد عنهم يعتبر آثارًا مترتبة على أنه وعد وليس هناك أدلة تؤيد قولهم هذا من ناحية، والناحية الأخرى أن القول بأنه وعد يترتب عليه كثير من الأضرار على الصانع والمستصنع فالصانع قد يتلف متاعه وأدواته ولا يجد من يرغبها بتلك الصفات التي طلبها المستصنع، والمستصنع أيضًا قد يتضرر بسبب مضي الوقت وعدم حصوله على حاجته ولا شك أن الشريعة الإسلامية من مبادئها الشرعية وقواعدها العامة مبدأ رفع الضرر ودفعه عن المكلفين مع ثبوت خيار الرؤية إذا ظهر أن المصنوع على خلاف الصفات التي طلبها الصانع.


(١) السرخسي: ١٢/١٣٩، وانظر ابن عابدين، حاشية رد المحتار: ٥/٢٢٤
(٢) السيواسي: ٥/٣٥٥، وانظر السرخسي، المبسوط: ١٢/١٣٩
(٣) السرخسي، المبسوط: ١٢/١٣٩
(٤) السيواسي، فتح القدير: ٥/٣٥٥، وانظر بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧
(٥) السيواسي، فتح القدير: ٥/٣٥٥، وانظر السرخسي، المبسوط: ١٢/١٣٩
(٦) السيواسي، فتح القدير: ٥/٣٥٥، وانظر الكاساني، بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧
(٧) السيواسي، فتح القدير: ٥/٣٥٥، وانظر السرخسي، المبسوط: ١٢/١٣٩، والكاساني، بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧
(٨) السيواسي، فتح القدير: ٥/٣٥٥
(٩) الكاساني، بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>