للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب الثاني:

ذهب جمهور الحنفية إلى جواز الاستصناع سواء دفع الثمن في مجلس العقد، أو دفع جزء منه أو لم يدفع شيء منه وأخر كله أو بعضه إلى إحضار المستصنع، أو بعد إحضاره دفعة واحدة أو على دفعات، وإليك نصوصًا من كتبهم المعتمدة.

قال الكاساني: (أما جوازه فالقياس أن لا يجوز لأنه باع ما ليس عند الإنسان لا على وجه السلم وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم ويجوز استحسانًا لإجماع الناس على ذلك لأنهم يعملون ذلك في سائر الأعصار من غير نكير والقياس يترك بالإجماع) (١)

وقال المرغيناني: (وفي القياس لا يجوز لأنه بيع المعدوم والصحيح أنه يجوز بيعًا لا عدة والمعدوم قد يعتبر موجودًا حكمًا) (٢)

وقال في فتح القدير: (الاستصناع طلب الصنعة.. ويعطي الثمن المسمى أو لا يعطي شيئًا فيعقد الآخر معه جاز استحسانًا) (٣)

وجاء في العناية: (الاستصناع هو أن يجيء إلى صانع فيقول: اصنع لي شيئًا.. صورته كذا وقدره كذا بكذا درهمًا ويسلم إليه جميع الدراهم أو بعضها أو لا يسلم) (٤)

أدلة جمهور الحنفية:

يتفق جمهور الفقهاء الحنفية في جواز الاستصناع في الجملة ولكنهم يختلفون في الشروط فالجمهور يرون أنه يجوز بشرط تسليم الثمن في المجلس والحنفية لا يشترطون ذلك وإن أقاموا أدلة على جوازه حيث أن القياس لا يجيزه عندهم فهو عقد على معدوم وهذه جملة من أدلتهم على جوازه.

١- عن نافع أن عبد الله حدثه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اصطنع (٥) خاتمًا من ذهب وجعل فصه في بطن كفه إذا لبسه فاصطنع الناس خواتيم من ذهب فرقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: "إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه" فنبذه فنبذ الناس) (٦)


(١) بدائع الصنائع: ٦/١٦٧٨
(٢) الهداية: ٥/٣٥٥.
(٣) السيواسي: ٥/٣٥٤ - ٣٥٥
(٤) البابرتي مع فتح القدير: ٥/٣٥٤
(٥) اصنطع أمر أن يصنع له كما تقول: اكتتب أمر أن يكتب له والطاء بدل من تاء الافتعال لأجل الصاد ابن الأثير النهاية في غريب الحديث "صنع"
(٦) البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري: ١٠/٣٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>