للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- نوقش حديث: " لا تبع ما ليس عندك" من جهتين:

الأولى: جهة الإسناد حيث قيل: إن ابن حزم نقل قول عبد الحق حيث قال في رواية عبد الله بن عصمة: إنه مجهول.

ولكن رد عليه بأن النسائي احتج به وقد روي من غير وجه عن حكيم بن حزام وصححه الترمذي وابن حبان والألباني (١)

فردوا على من ضعف راويه فيكون صحيح الإسناد.

أما الجهة الثانية: فهي جهة المعنى حيث قالوا: إن معنى ما ليس عندك أي ما ليس في ملكك (٢)

وأوضح بيان في مناقشته ما ذكره البغوي بقوله: (هذا في بيوع الأعيان دون بيوع الصفات فلو قبل السلم في شيء موصوف عام الوجود عند المحل المشروط، يجوز وإن لم يكن في ملكه حالة العقد) (٣)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (قول القائل: بيع المعدوم لا يجوز ليس معه نص ولا إجماع إلا في بعض الصور كما أنه في بعض الصور لا يجوز بيع الموجود ولكن من أين له أن العلة كونه معدومًا ثم يقال له قد ثبت بالنص والإجماع.. إجارة الظئر وهو عقد على ما لم يوجد بعد وكذلك الإجارة) (٤)

فظهر مما سبق أن المراد ما ليس مملوكًا لك في بيوع الأعيان وليس المراد ما كان معدومًا إذ المعدوم يعطى حكم الموجود في مسائل كثيرة منها ناسي التسمية عند الوضوء والذبح وطهارة المستحاضة ودائم الحدث وقراءة المأموم خلف الإمام.. إلخ والعلة في المنع هي الغرر لا كونه معدومًا أو موجودًا ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر " (٥)

أما الإجماع الذي نقله الإمام أحمد فقد يناقش بما ورد عن الإمام نفسه حيث قال: (من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا ما يدريه ولم ينته إليه فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا.. أو لم يبلغني ذلك) (٦)

فيرد على هذه المناقشة بما وضحه ابن القيم رحمه الله حيث يبين مراد الإمام أحمد من قوله هذا بأن مراد الإمام بذلك هو الرد على من يدعي الإجماع في المسألة، لأنه لم يجد ولم يعلم مخالفًا فيها ولا يقصد استبعاد وقوع الإجماع (٧)


(١) ابن حجر، تلخيص الحبير: ٣/٥، وإرواء الغليل: ٥/١٣٢
(٢) الشوكاني، نيل الأوطار: ٥/١٧٥
(٣) شرح السنة: ٨/١٤٠ - ١٤١
(٤) نظرية العقد: ص٢٣١
(٥) مسلم، الجامع الصحيح مع النووي: ٥/٣
(٦) انظر ابن القيم، إعلام الموقعين: ١/٣٠ و ٣١
(٧) انظر ابن القيم، إعلام الموقعين: ١/٣٠ و ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>