للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- استدلالهم بأن الحاجة تدعو إليه قد يرد على هذا بأن الحاجة العامة معتبرة بمنزلة الضرورة في حق أحاد الناس، ومعلوم أن الضرورة مقيدة بعدة قيود منها أن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها (١) ومنها، ما جاز لعذر بطل بزواله (٢)

وحيث إن البدائل عن عقد الاستصناع بهذه الصفة لم تنعدم فتسليم رأس المال يقوم مقامه ولا حاجة إليه حينئذ لأنه بيع دين بدين وحيث قد وجد البديل فلا حاجة ولكن يناقش هذا الاعتراض بما هو معلوم أن الحاجة إذا وجدت أثبتت الحكم في حق من ليست له حاجة كالسلم واقتناء كلب الصيد والماشية والحاجة إلى الاستصناع قائمة بل قد ترقى عن مستوى الحاجيات إذ أن تسليم رأس المال في مجلس العقد فيه من المخاطر الشيء الكثير الذي قد يجعل المستصنع في جهد ومشقة بحيث يخشى على ماله المدفوع من الإنكار والغش في المصنوع وقد تعددت سبل الاحتيال والتزوير والغش في المصنوع مما يجعل المال في خطر، وقد يسبب لصاحبه حرجًا ومشقة. والاستصناع بدون دفع الثمن يكفيه شر هذه المخاطر.

٥- القول بأن الاستصناع في معنى عقدين جائزين وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كان جائزًا فقد يعترض عليه بأن جمع عقدين بعوض واحد ولا يصح لأن المبيع يضمن بمجرد البيع والإجارة بخلاف ذلك فاختلاف حكمهما سبب بطلانهما.

ولكن يرد على هذا الاعتراض بأن اختلاف العقدين في بعض الأحكام لا يؤثر على صحة العقد فإن من باع قسطًا له في شيء مع ملك له خاص يصح مع اختلاف حكمهما في وجوب الشفعة في الشخص دون الآخر فكذلك هنا حيث صدر العقد من أهله في محله فصح.


(١) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص٩٣، وانظر ابن نجيم الأشباه والنظائر: ص٨٥
(٢) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص٩٣، وانظر ابن نجيم الأشباه والنظائر: ص٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>