للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

الشروط الجامعة والفارقة بين السلم والاستصناع

لكل عقد من العقود شروط تتوقف عليها صحته ونفاذه، والسلم والاستصناع من عقود المعاوضات المالية لهما شروط تميزها عن غيرهما. ونظرة شاملة إلى المذاهب الفقهية في عقد السلم والاستصناع، والاعتبار الذي جعله الفقهاء لكل منهما تبين أن الجمهور جعلوا الاستصناع قسمًا من أقسام السلم، تشترط له شروطه ولذلك كان ذكرهم لأحكام الاستصناع ضمن أحكام السلم، وإن كان بينهم اختلاف في شروط السلم. والذي أرى أنه لابد من ذكر شروط السلم عند الجميع سواء المتفق عليها والمختلف فيها حتى يكون القارئ على صلة قريبة باستذكارها، وبعد ذلك أذكر شروط الاستصناع عند الحنفية، وأبين أوجه الاتفاق بين العقدين، وأوجه الاختلاف. ويمكن تقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: شروط السلم:

تقرر فيما سبق أن الجمهور يرون أن الاستصناع قسم من أقسام السلم يلزم توفر شروطه له.

وقد ذكروا للسلم شروطًا: بعضها محل اتفاق عندهم، وبعضها محل اختلاف بينهم، وإليك بيانها:

١- ألا يجمع البدلين أحد وصفي علة ربا الفضل (١) ، لأن المسلم فيه مؤجل في الذمة، فإذا جمعه مع رأس المال أحد وصفي علة ربا الفضل تحقق ربا النساء. والعقد الذي فيه ربا فاسد باتفاق الفقهاء (٢)

٢- أن يكون العقد باتًّا عاريًا عن شرط الخيار للعاقدين أو لأحدهما، ذلك لأن الخيار في السلم يجعل بين العاقدين علقة بعد التفرق، والسلم يشترط فيه ألا يبقى بين العاقدين علقة بدليل اشتراط القبض في مجلس العقد (٣)


(١) في الموزونات يجوز إسلام الذهب والفضة مع كونهما موزونين لحاجة الناس إلى ذلك وإلا لانسد باب السلم في الموزونات غالبًا
(٢) ابن عابدين، حاشية رد المحتار: ٥/٢١٤
(٣) الكاساني، بدائع الصنائع: ٧/٧/٣١٤٧، نظام الدين وجماعة، الفتاوى الهندية: ٣/١٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>