للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ألا يكون مؤجلًا (١) إلى أجل يصح معه السلم، وإن اختلفوا في تحديده كما سبق، فيكون الاستصناع صحيحا إذا خلا عن الأجل، أو كانت مدته دون مدة عقد السلم، وقد خالف أبا حنيفة صاحباه فيما ضرب له أجل، فقال الإمام: هو سلم تشترط له شروطه، وقالا هو استصناع على كل حال.

ووجه قول أبي حنيفة أنه إذا ضرب فيه أجل فقد أتى بمعنى السلم؛ إذ هو عقد على مبيع في الذمة مؤجل، والعبرة لمعاني العقود، لا لصور ألفاظها.

ووجه قولهما أن العادة جارية بضرب الأجل في الاستصناع، وإنما يقصد به تعجيل العمل لا تأخير المطالبة، فلا يخرج به عن كونه استصناعًا، ألا ترى أنه ذكر أقل مدة يمكنه الفراغ من العمل (٢)

ومعلوم لدى الخاصة والعامة أن المدة التي تشترط للاستصناع تختلف باختلاف الشيء المطلوب صنعته فلا يمكن تقديره بمدة معينة بل يرجع في ذلك إلى ما تعارف عليه أرباب الصناعات من تقدير وقت لصناعة الشيء المطلوب صنعه، فصناعة السيف ليست كصناعة البندقية، وهما ليسا كالمدفع، والدبابة، والجميع ليس كصناعة الطائرات ولا شك أن الوقت يختلف باختلاف المصنوع فسفن الفضاء، والأقمار الصناعية، والقطارات والسفن الكبيرة، لكل منها وقت يمكن إنجازها فيه، فتحديد المدة بشهر أو نصفه تحديدًا لا يستند إلى دليل عقلي أو نقلي ولا يتلاءم مع الواقع العملي للاستصناع حيث نرى أن بعض الأشياء المطلوب صنعها تسلم بعد عدة سنين (٣)


(١) المراد بالأجل عندهم الأجل الذي يشترط للسلم وإن اختلفوا في تحديده فما نقص عن أجل السلم وقصد به التعجيل كان استصناعًا
(٢) السيواسي، فتح القدير: ٥/٣٥٦؛ والسرخسي، المبسوط: ١٢/١٤٠؛ وابن عابدين، حاشية رد المحتار: ٥/٢٢٣؛ والكاساني، بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٨ و ٢٦٧٩
(٣) تقرر أن مدة التأجيل إذا بلغت أقل مدة السلم يصير العقد - عندهم - سلمًا وإذا صار سلمًا اشترطت شروط السلم بدفع الثمن في المجلس وإلا اعتبر بيع دين بدين وحينئذ لا يوجد مخرج إلا ما تقرر من استثناء الاستصناع من القاعدة العامة في بيع الدين بالدين كما تقدم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>