للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول في التعريف بأنه عقد يخرج اعتبار الاستصناع وعدًا - وهذا سنفصل القول فيه بعد قليل.

والقول في التعريف "على مبيع" يخرج اعتبار الاستصناع عقد إجارة، لأنها عقد على منافع وليست على عين، ويخرج كذلك اعتباره عقدًا على العمل، أو الإجارة على العمل فهو ليس بعقد على مبيع.

ولكن ما الذي يباع في عقد الاستصناع، كما ورد في التعريف؟

إنها المواد الخام التي تصنع، أما المادة الخام في الإجارة على العمل فهي من عند المستأجر، وعلى الأجير العمل فقط (١) .

والقول بأنه (في الذمة) يخرج اعتبار الاستصناع بيعًا بإطلاقه، لأن من شروط البيع أن يكون مقبوضًا في المجلس، وهنا المطلوب صنعه في الذمة.

والقول بأنه (شرط فيه العمل) يخرج اعتبار الاستصناع سلمًا، لأن السلم بيع آجل بعاجل (٢) .

والاستصناع لا يشترط فيه أخذ الثمن عاجلًا وسنتناول تفصيلًا ما يتعلق بعلاقة الاستصناع بالسلم والفرق بينهما في مبحث قادم.

أما ذكر الوجه المخصوص في التعريف فهو البيان التفصيلي لجنس المعقود عليه وصفته وقدره، وكل ما يريده المستصنع فيه، حتى يكون استصناعًا صحيحًا إذا تحققت فيه هذه الشروط، وإلا كان استصناعًا فاسدًا.

هذا ما يتعلق بتعريف الاستصناع لغة - واصطلاحًا واخترت لتعريفه اصطلاحًا ما ذكره فقهاء الحنفية لاعتبارهم إياه عقدًا مستقبلًا - كما مر بنا.

ولكن لن نغفل أقوال بقية العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة في الاستصناع - قبل أن نذكر - تفصيلًا - علاقة عقد الاستصناع بالعقود الجائزة.

فأما المالكية فإن ابن رشد (٣) - وهو من أعيان المالكية - قد تناول السلم في الصناعات بما يدل على أنه من يطلب من صانع صنع شيء له فهو جائز، ولكنه يأخذ حكم السلم، وشروط السلم، فيقول:


(١) انظر عقد الاستصناع: ص:٦٠
(٢) انظر فتح القدير، لابن الهمام: ٥/٣٢٣
(٣) هو محمد بن أحمد بن رشد، أبو الوليد قاضي الجماعة بقرطبة من أعيان المالكية، وهو جد ابن رشد الفيلسوف، توفي سنة ٥٢٠هـ، الأعلام: ٦/٢١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>