للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأما السلم في الصناعات فينقسم في مذهب ابن القاسم على أربعة أقسام:

أحدها: أن لا يشترط المسلم المستعمل عمل من استعمله، ولا يعين ما يعمل منه.

والثاني: أن يشترط عمله، ويعين ما يعمل منه.

والثالث: أن لا يشترط عمله، ويعين ما يعمل منه.

والرابع: أن يشترط عمله، ولا يعين ما يعمل منه.

فأما الوجه الأول: وهو أن لا يشترط عمله، ولا يعين ما يعمل منه، فهو سلم، على حكم السلم، لا يجوز إلا بوصف العمل، وضرب الأجل، وتقديم رأس المال.

وأما الوجه الثاني: وهو أن يشترط عمله، ويعين ما يعمله منه، فليس بسلم، وإنما هو من باب البيع والإجارة في الشيء المبيع.

فإن كان يعرف وجه خروج ذلك الشيء من العمل، أو تمكن بإعادته للعمل، أو عمل غيره من الشيء المعين منه العمل، فيجوز على أن يشرع في العمل، وعلى أن يؤخر الشروع فيه بشرط ما بينه وبين ثلاثة أيام، أو نحو ذلك.

فإن كان على أن يشرع في العمل، جاز ذلك بشرط تعجيل النقد، وتأخيره، وإن كان على أن يتأخر الشروع في العمل إلى الثلاثة أيام ونحوها، لم يجز تعجيل النقد، بشرط حتى يشرع في العمل.

وأما الوجه الثالث: وهو أن لا يشترط عمله بعينه، ويعين ما يعمل منه، فهو - أيضًا - من باب البيع والإجارة في المبيع، إلا أنه يجوز على تعجيل العمل وتأخيره إلى نحو ثلاثة أيام بتعجيل النقد وتأخيره.

وأما الوجه الرابع: وهو أن يشترط عمله ولا يعين ما يعمل منه فلا يجوز على حال، لأنه يجتذبه أصلان متناقضان: (لزوم النقد لكون ما يعمل منه مضمونًا، وامتناعه لاشتراط عمل المستعمل بعينه) (١) .

ويقول الدردير (٢) : (ثم شبه في السلم قوله: كاستصناع سيف، أو ركاب من حداد، أو سرج من سروجي، أو ثوب من حياك، أو باب من نجار، على صفة معلومة بثمن معلوم فالتعاقد على صنع شيء يأخذ حكم السلم عندهم) .

وقال الدردير (٣) - أيضًا -: (وقول خليل: كاستصناع سيف (٤) تشبيه لا تمثيل) .


(١) المقدمات الممهدات: ٢/٣٢.
(٢) الشرح الصغير، للدردير: ٣/٢٨٧.
(٣) الشرح الصغير، للدردير: ٣/٢٦١
(٤) قول خليل: (والشراء من دائم العمل كالخباز. وهو بيع، وإن لم يدم فهو سلم، كاستصناع سيف، أو سرج) . انظر مواهب الجليل: ٣/٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>