للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم عقد الاستصناع

بعد تعرفنا على أقوال العلماء في تعريف "الاستصناع" نستطيع أن نقول: إن جمهور فقهاء الحنفية قد اتفقت كلمتهم على "الجواز" ولم يخالف في ذلك إلا "زفر" (١) وحكى ابن الهمام قول "زفر" فقال: (والقياس أنه لا يجوز، وهو قول "زفر" (٢) .

فهل قول "زفر" بعدم الجواز يقوم على القياس؟

إن كان الأمر كذلك فإن الجمهور لا يرى - كذلك - القياس دليلًا على جواز "الاستصناع".

وإنما يجوزونه بالاستحسان، وكذلك - أيضًا - بالإجماع العملي، والبعض يرى أنه بالسنة - كما سنبين -.

ومن أقوال المجوزين نتعرف على أدلة هذا الحكم بجواز "الاستصناع".

فالإمام محمد بن الحسن يقول: (لو استصنع رجلًا شيئًا.. بغير أجل جاز استحسانًا (٣)

والإمام الكاساني يقول: (أما جوازه فالقياس: أن لا يجوز، لأنه باع ما ليس عند الإنسان لا على وجه السلم، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان، ورخص في السلم، ويجوز استحسانًا، لإجماع الناس على ذلك (٤) .

والإمام الكمال بن الهمام يقول: (جاز استحسانًا) (٥)

والإمام السمرقندي يقول: (والقياس أنه لا يجوز، وفي الاستحسان جائز) (٦) .

والإمام أبو بكر بن المنذر يقول: (وقال أبو حنيفة: هو جائز.. وللمستصنع الخيار إذا رآه مفروغًا منه) (٧) .

وواضح من أقوال هؤلاء الأئمة أن القياس لا يجوز به الاستصناع، لأنه بيع ما ليس عند الإنسان، ورخص في السلم.


(١) هو "زفر" بن هذيل بن قيس العنبري البصري صاحب أبي حنيفة, ولد سنة ١١٠هـ، وتوفي سنة ١٥٨هـ.
(٢) انظر فتح القدير: ٥/٣٥٥.
(٣) انظر عقد الاستصناع: ص٩٥، نقلًا عن مخطوطة جامع الصدر الشهيد في ترتيب الجامع الصغير: ١/٦٣
(٤) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٨
(٥) شرح فتح القدير: ٥/٣٥٥
(٦) تحفة الفقهاء: ٢/٥٣٨
(٧) عقد الاستصناع: ص٩٦، نقلًا عن مخطوطة الإشراف، لأبي بكر بن المنذر: ص٢٧ ومابعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>