للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الأستاذ الزرقاء: (في أواخر العهد العثماني اتسعت في الدولة التجارة الخارجية مع أوروبا، وتطورت أساليب التجارة الداخلية، والصنائع، وتولدت في العصر الحديث أنواع من الحقوق لم تكن معهودة.. واتسعت مجالات عقود الاستصناع في التعامل بطريق الإيصاء على المصنوعات مع المعامل والمصانع الأجنبية.. وقد ضاعف احتياج الناس إلى أن يشترطوا في عقودهم ضمانات مالية على الطرف الذي يتأخر عن تنفيذ التزامه في حينه.. ومثل هذا الشرط يسمى في اصطلاح الفقه الأجنبي (الشرط الجزائي) (١) .

ولذلك فإن القول بأن الاستصناع مواعدة ليس محققًا لمهمة الاستصناع في حياة الناس من ناحية، وليس موافقًا لطبيعة الاستصناع من ناحية أخرى.

والذي قال بأنه مواعدة جماعة من الحنفية منهم: الحاكم الشهيد (٢) ، والصفار (٣) ، ومحمد بن سلمة (٤)

إلا أن كلام الحاكم الشهيد، والذي ذكره السرخسي في المبسوط يدل على أنه لم يقل بأنه مواعدة بإطلاق، وإنما يفيد كلامه أنه يبدأ مواعدة وينتهي عقدًا بالتعاطي والفراغ من العمل فيقول السرخسي: (وكان الحاكم الشهيد يقول: الاستصناع مواعدة.. وإنما ينعقد العقد بالتعاطي إذا جاء به مفروغًا منه.. ولهذا ثبت فيه الخيار لكل واحد منهما) (٥)


(١) انظر المدخل الفهقي العام، للأستاذ الزرقاء: ص٣٨٦
(٢) وهو أبو الفضل محمد بن محمد بن أحمد المروزي، الوزير العالم الكبير، ولي القضاء في بخارى، قتل شهيدًا سنة ٣٣٤هـ، طبقات الفقهاء لطاش كبرى زادة: ص٥٧.
(٣) وهو أبو القاسم الصفار البلخي، توفي سنة ٣٣٩هـ، طبقات الفقهاء لطاش كبرى زادة: ص٦٤
(٤) وهو أبو عبد الله بن محمد بن سلمة، روى عنه زفر، توفي سنة ٢٦٨هـ، طبقات الفقهاء لطاش كبرى زادة: ص٤٥.
(٥) المبسوط ١٢/١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>