للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاشرًا: أن المستصنع لا يرجع عما طلب، ولا يجوز له أن يرجع، لأنه إن تعاقد لا يحق له أن يرجع عن ذلك، لأن التراجع له ضرر كبير على الصانع بتضييع المادة الخام بناء على أمر من المستصنع، فإن رجع فقد لا يشتريه أحد لعدم موافاته للشروط التي يطلبها هذا الأخير (١)

كما أن المستصنع إذا رأى المطلوب صنعه (المستصنع فيه) فهو بالخيار، لأنه (اشترى ما لم يره) ، فالقول بأنه اشترى ما لم يره دليل على أنه يريد به ذلك المستصنع، واعتباره شراء دليل على أنه عقد. (٢)

لذلك، فالتسمية لعملية التعاقد بالشراء شيء واضح على أنه يراد به أنه ليس بوعد، والشراء إذا أطلق يراد به عملية التعاقد بالبيع، وأيضًا، فإن الشراء بيع، لأنه من الأضداد.

ومن جملة ما سبق من أدلة الفريقين يظهر لنا بوضوح أن أدلة القائلين بأن الاستصناع عقد وليس بوعد أقوى، وهي أجدر بالقول والحكم، تحقيقًا لما يراد من الاستصناع في تحقيق منفعة الطرفين، المستصنع، والصانع، مع التزامهما بما اتفقا عليه بينهما، دون تراجع يفسد مصلحة أحدهما، ودون إخلال بالمواصفات، أو تضييع للحقوق.

كما أن توصيف الاستصناع بأن عقد يضمن للناس تقدمًا وتطورًا مستمرًّا في الحركة الصناعية تلبي رغبات الناس المتجددة والنامية.


(١) درر الحكام: ٢/١٩٨
(٢) انظر فتح القدير: ٥/٣٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>