للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد الاستصناع وعقد السلم

لقد تعرفنا على موقف العلماء من عقد الاستصناع في تعريفهم له، وكيف تناوله المالكية والشافعية والحنابلة بإدخال مسائلة في عقد السلم، أو في البيع بالصفة، أو تشبيهه بالسلم.

فما صلة "الاستصناع" "بالسلم"؟

لقد مر بنا ما ذكره ابن رشد ملخصًا موقف المالكية في ربط الاستصناع بالسلم فذكر من مباحث السلم: السلم بالصناعات (١)

وكذلك ما ذكر في الأم (٢) من تقسيم الشافعي للسلم بالصناعات إلى قسمين:

الأول: ما كان من مادة خام واحدة ما عدا المادة المزيتة.

والثاني: ما كان من مادتي خام فأكثر ما عدا المادة المزيتة.

وإذا كان المالكية قد شبهوا الاستصناع بالسلم، والشافعية قد أدخلوه في مباحث السلم، فإن الحنابلة قد ذكروا السلم في الصناعات.

وأما الحنفية فقد رأينا كيف عدوا الاستصناع عقدًا مستقلًّا، وفي تعريفهم له وجدنا ما يميزون به بين العقدين، ففي (اشتراطهم للعمل في الاستصناع تمييز له عن السلم، إذ أن السلم هو بيع آجل بعاجل) (٣) . ففي بيع في الذمة.

وقيل: هو أخذ ثمن عاجل بآجل (٤) ، والاستصناع لا يشترط فيه أخذ الثمن عاجلًا (٥) .

ويميز السرخسي بينهما عندما يذكر أن البيوع أربعة: بيع عين بثمن، وبيع دين في الذمة بثمن، وهو السلم، وبيع عمل، العين فيه تبع، وهو الاستئجار للصناعة ونحوهما، فالمعقود عليه الوصف الذي يحدث في المحل بعمل العامل، والعين هو الصبغ بيع فيه، وبيع عين شرط فيه العمل، وهو الاستصناع، فالمستصنع فيه مبيع عين (٦)

فالسرخسي ميز بين هذه البيوع ولكنه في الوقت نفسه ساوى بين السلم والاستصناع في كونه بيعًا، ولكن له اسم مستقل وشروط خاصة به (٧)


(١) المقدمات الممهدات: ٢/٣٢.
(٢) انظر الأم: ٢/١١٦.
(٣) فتح القدير: ٥/٣٢٣
(٤) حاشية سعدي جلبي مع فتح القدير: ٥/٣٢٣
(٥) انظر عقد الاستصناع: ص٦٠
(٦) انظر المبسوط: ١٥/٨٤.
(٧) انظر عقد الاستصناع: ص١٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>