للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن المسلم فيه مبيع وهو دين، ورأس المال، وهو الثمن قد يكون عينًا، وقد يكون دينًا، ولكن قبضه شرط قبل افتراق العاقدين بأنفسهما فيصير عينًا.

أما في الاستصناع فلا يشترط فيه القبض عند أكثر الفقهاء، كما أن السلم لا يشترط أن يكون المسلم فيه مصنوعًا، بل في الغالب يكون طعامًا، أو حيوانًا، أو غير ذلك، ولا يشترط فيه الصنع.

أما الاستصناع فيشترط فيه الصنع، والشرط يقع على عمل في المتسقبل لا في الماضي (١) .

وإذا تتبعنا ما ذكر لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة وجدنا الحديث عن الاستصناع بما عرفناه به، وبما عرفه به الحنفية يأخذ مصطلح السلم.

فلو أعطى للصانع الذي يصنع الآجر، أو الجيار ثمن شيء معلوم، وأخذ منه حالًّا، أو إلى أجل قريب أو بعيد لجاز ذلك على أنه سلم (٢)

واستصناع السيف، أو السرج، أو الثوب، أو الباب، ونحو ذلك من حداد أو سروجي، أو حائك، أو نجار على صنعة معلومة، وبثمن معلوم جائز. وهو سلم يشترط فيه شروطه المعروفة (٣)

وهكذا نجد ما يذكر في عقد الاستصناع قد أخذ مصطلح السلم لدى المالكية.

ويضيف الإمام الشافعي رحمه الله، ومن تبعه من الشافعية في الحديث عن السلم بالصناعات ما يفيد اشتراط الضبط في المبيع، حتى لا يكون فيه غرر.

فيجوز السلم في كل مال يجوز بيعه، وتضبط صفاته (٤)

ومثل الشيرازي في المهذب بأشياء تدل على أنها لا تباع إلا بعد صنعها كالفخار، كما جوز التعامل بالورق المصنوع، لأنه معلوم القدر، ومعلوم الصفة، كما يجوز فيما صبغ غزله ثم نسج لأنه بمنزلة صبغ الأصل (٥)

ويقول الشيرازي: واختلف أصحابنا في الثوب المعمول من غزلين، فمنهم من قال: لا يجوز، لأنهما جنسان مقصودان، لا يتميز أحدهما عن الآخر فأشبه الغالية.

ومنهم من قال: يجوز، لأنهما جنسان يعرف قدر كل واحد منهما.


(١) انظر بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧، وانظر عقد الاستصناع: ص٦١.
(٢) حاشية المدني على الرهوني: ٣/٢٥٢.
(٣) الشرح الصغير، للدردير: ٣/٢٨٧
(٤) المهذب، للشيرازي: ١/٢٩٧
(٥) المهذب، للشيرازي: ١/٢٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>