للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول النووي: يجوز السلم في الكاغد عددًا، ويبين نوعه وطوله (١) ، وفي تحقيق الضبط والدقة يذكر النووي ما يكون من جواز السلم فيما يصب منها في القالب لعدم اختلافه.

وما يكون - كذلك - في صنع الثياب بذكر جنس الخيط كأن يكون من إبريسم، أو قطن، أو كتان، والنوع، والبلد الذي ينسج فيه، إن اختلف به الفرض، كما يجوز السلم في القمص والسراويلات إذا ضبطت طولًا وعرضًا، وسعة وضيقًا.

وتمتد الدقة في ذكر ما يضبط المصنوعات لتأخذ حكم الجواز لنجد اتساع ذكر المصنوعات التي وجدت في عصرنا فيذكر الأستاذ المطيعي في تكملته للمجموع، مجموعة من الصناعات الحديثة، وجوز التعامل بها على أساس طلب الصنعة، وأعطاها حكم السلم، كالثلاجة، والغسالة، والمذياع، والمحركات بأنواعها (٢)

وما وجه إليه الشافعية من مراعاة الضبط الذي لا يكون معه غرر قد وجد سبيله في الصناعات المعاصرة بذكر مواصفات كل سلعة، وخصائصها، ويبقى مراعاة الأمانة وعدم الوقوع في الغش التجاري.

وأما مسألة اختلاط المواد الخام واعتبار الاختلاط نافيًا للضبط، فإن هذا قد ضبطت مقاديره لتقدم الصناعات ومعرفة طرق القياس بحيث يستطيع الإنسان أن يقدر السلعة المصنوعة بنسبها، دون اضطراب في التقدير.

وما قاله صاحب المهذب بأنه لا يجوز السلم فيما يجمع أجناسًا مقصودة لا تتميز كالغالية بسبب أن الغالية تكون عادةً من عدة مواد خام كالكافور والعنبر المخلوط بماء الورد يصبح - الآن - مضبوطًا بمعرفة نسب المكونات، وما يترتب عليها، وعلى ذلك يتغير الحكم لزوال العلة إلى الجواز.

ونجد عند الحنابلة التأكيد على الضبط في السلم بالصناعات كذلك، فهم يجوزون السلم في كل ما يوزن ويكال مما يضبط بالصفة التي تختلف الأثمان باختلافها (٣) ، وكذلك يجوزون بيع المذروع من الثياب والخيوط، والثوب المختلف الغزول كقطن وإبريسم، أو قطن وكتان، "فإنه يجوز بيعها من طلب الصنعة بشرط ضبطها" (٤) . وذلك بأن يقول: السدى: "إبريسم" واللحمة: "كتان" (٥) ، ونحوه.

وبعد ذكر أقوال العلماء في الاستصناع وإلحاقه بمباحث السلم يحسن أن نذكر شيئًا يسيرًا يوضح معناه ودليل مشروعيته حتى يتضح وجه الربط بين "الاستصناع" و "السلم".


(١) روضة الطالبين: ٤/٢٨
(٢) تكملة المجموع: ١٣/١٣٠
(٣) انظر المغني: ٤/٣٥٦
(٤) كشف القناع: ٣/٣٧٧
(٥) انظر المغني: ٤/٣٦٦؛ وانظر عقد الاستصناع: ص١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>