للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد الاستصناع وعقد الإجارة

للاستصناع شبه بالإجارة في طلب الصنع، وهو العمل (١) ، جعل بعض العلماء يقولون إن الاستصناع "إجارة محضة" (٢)

وربطوا بين الاستصناع وبين فعل الصباغ، فإن فعل الصباغ هو: الصبغ "العمل" في العين بصبغها، وأن ذلك هو نظير الاستصناع، وإن عمل الصباغ إجارة محضة.

ولكن يفترق الاستئجار على الصبغ عن الاستصناع.

فالصبغ، وهو عمل الصباغ إجارة وردت على العمل في عين يملكها المستأجر، أما الاستصناع فالأصل فيه هو العين المستصنع المملوك للصانع فيكون ما حدث بين الصانع والمستصنع هو بيع، ولما لم يكن للبيع وجود من حيث وصفه إلا بالعمل فأشبه العقد - هنا - الإجارة في حكم واحد لا غير، ولذلك افترق عمل الأجير عن الاستصناع.

ولكي يكون التفريق بين "الاستصناع" و "الإجارة" واضحًا سأذكر تعريفًا وبيانًا موجزًا بحقيقة الإجارة وحكمها وآدابها، ثم نذكر ما بينها وبين الاستصناع من فروق.

الإجارة:

والإجارة بيع منافع معلومة بعوض معلوم، وهي معاوضة صحيحة يجري فيها ما يجري في البيوع من الحلال والحرام.

وقال القرافي في الذخيرة: يقال: آجر - بالمد والقصر - وأنكر بعضهم المد، وهو منقول، قال: ولما كان أصل هذه المادة الثواب على الأعمال، وهي منافع، خصصت الإجارة ببيع المنافع على قاعدة العرف في تخصيص كل نوع تحت جنس باسم، ليحص التعارف عند الخطاب.

وقال: وقد غلب وضع الفِعالة - بالكسر - للصنائع نحو: الصناعة، والخياطة، والتجارة ونحو ذلك.

والفَعالة - بالفتح - لأخلاق النفوس نحو: السماحة، والشجاعة والفصاحة، ونحو ذلك.

والفُعالة - بالضم - لما يطرح من المحقرات نحو: الكناسة، والقلامة، والفضالة، والنخالة، ونحو ذلك (٣)

وقال في اللباب: حقيقة الإجارة تمليك منفعة غير معلومة، زمنًا معلومًا، بعوض معلوم، وقال: وقد خص تمليك منفعة الآدمي باسم الإجارة، ومنافع الممتلكات باسم الكراء، قال: وحكمها الجواز ابتداء، واللزوم بنفس العقد ما لم يقترن به ما يفسدها.


(١) انظر العناية مع فتح القدير: ٥/٣٥٥، وابن عابدين في حاشيته: ٥/٢٢٤
(٢) انظر العناية مع فتح القدير: ٥/٣٥٦
(٣) انظر مواهب الجليل: ٤/١٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>