للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد رأفت سعيد:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سبيلهم إلى يوم الدين. وبعد:

عقد الاستصناع من العقود التي تشتد حاجة الناس إليها، فإن حاجة الإنسان إلى السلع التي تستصنع من الحاجات المتجددة، وذلك لتطور الحياة البشرية، بل وبصورة سريعة يكون المستصنع اليوم قديمًا في الغد، وما صنع هذا العام ليس هو ما صنع في العام السابق، وقد يحتاج الأمر إلى إضافات جديدة تحتاجها طبيعة الآلة أوالجهاز المصنع وتقتضيه ضرورة الاستعمال، كما أن الصانع في إطار هذا القفز السريع في التطور قد يحتاج إلى مال يدخل في تهيئة هذه المصنوعات، وكذلك في نفقاته الخاصة، وعلى ذلك فإن تحقيق حاجة المستصنع والصانع تجعل بينهما هذا الوجه الذي عقد بينهما، يدفع فيه المستصنع مالًا للصانع ليصنع له ما يريد، فكيف يكيف هذا العقد؟ هل هو مواعدة أم بيع؟ وهل يكون بيعًا لما ليس عند البائع فلا يجوز؟ وهل يستثنى من هذا نظرًا لحاجة الناس إليه كما استثني السلم مع تحقيق ما يشترط في السلم من تحديد الصفة والقدر والأجل؟ وهل تحقق هذه الشروط يجعلنا نسميه سلمًا ولا حاجة إلى استحداث اسم آخر كعقد الاستصناع؟ ولكن لوحظ أن هذا الاستصناع يختلف عن السلم في وجوه، منها أن عقد الاستصناع يتضمن عمل عامل في الصناعة، فهل هذا العنصر يجعلنا نطلق عليه عقد إجارة. أم أن عقد الاستصناع فيه من جوانب هذه العقود ما يكون بها عقدًا خاصًّا يسمى بعقد الاستصناع وأن تضمنه لهذه الجوانب من العقود الجائزة يمنحه قوة الحكم بالجواز؟

<<  <  ج: ص:  >  >>