حديث "ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن" هو موقوف على ابن مسعود ولا يفوت أبدًا رفعه كما يقول العلائي فأرجو أن يلاحظ ذلك وألَّا نطلق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الشكل، نلاحظ هذا فقط لقول: إنه موقوف على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
النقطة السادسة: الأصل في العقود الصحة واللزوم ولهذا فإذا تردد عقد بين الفساد والصحة أو تردد بين اللزوم والجواز، الجواز هنا ليس معناه الجواز الشرعي وإنما معناه أن يكون العقد جائزًا أي أن كلًّا من الطرفين يجوز له ألا يلتزم بالعقد، هذا هو الجواز في هذا المجال بالذات. هنا كلمة الجواز ليست هي الجواز المستوي الطرفين في الشريعة وإنما هو الجواز أن العقد جائز وأن العقد لازم، لمقابل اللزوم هو أن يكون العقد غير لازم يسمونه جائزًا ويسميه العلماء عقدًا جائزًا، وفي مثل هذا قال ابن عرفة في الإجارة: مشاهرة إذا لم تكن مجيبة إنه عقد جائز. وقال ابن رشد: وليس لازما. فالأصل في العقود الصحة واللزوم.
النقطة السابعة: كون العقود صغيرة في القديم – الصغر والكبر هما وصفان طرديان بمعنى أنهما لا يعلل بهما – العقد كان صغيرًا أو كبيرًا المهم فقط أن أركان هذا العقد كانت متوفرة، فإذا كانت متوفرة سواء في بيع الاستصناع عند الأحناف أو في بيع دائم العمل عند المالكية فمعنى ذلك أن العقد كان قديما حتى بالنوع وليس بالجنس معناه أنه كان موجودًا صغيرًا كان أو كبيرًا هذا لا يضر إذا توسع وكبر فإن ذلك لا يضر. إذن هو وصف طردي لا يصلح للتعليل ولا يتوقف عنده.
النقطة الثامنة: لا حاجة إلى الخيار عندما نقول إنه يختار، إن لكل منهما الخيار. يوجد خيار العيب وهو ثابت للمستصنع عنده خيار العيب، وخيار العيب يمكن التأكد منه. المصانع الحديثة يمكن التأكد هل هذه السلعة صنعت طبقا للمعايير والمقاييس التي يطلبها المستصنع أو لم تكن هذه السلعة طبقا للمعايير. أعتقد أن خيار العيب دائما ثابت بإمكانه أن يرد السلعة به وهذا ينفي الغرر والضرر والخطر التي يمكن أن يخاف منه.
في الخلاصة فإن عقد الاستصناع لا مانع من جوازه عند من يقول بالاستحسان كمالك في أوجه الاستحسان التي ذكرتها وهي التعريفات الثلاثة لمالك، وكأبي حنيفة الذي يقول بالاستحسان بلا حدود تقريبا إذا كان الاستحسان هو ترك القياس والأخذ بما هو أليق بالناس والاستحسان هو ترك اختيار الدعة أو البحث عن الدعة، إذن لا مانع بالنسبة لمن يقول بالاستحسان كالمالكية في هذا الموضوع وكالأحناف فإنه عقد صحيح يمكن أن نقول بلزومه كعقد لا كوعد، وشكرًا.