للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب الحنابلة

ذهب الحنابلة إلى بيع الأمانة (الوفاء) الذي مضمونه اتفاق المتبايعين على أن البائع إذا جاءه المشتري بالثمن، أعاد عليه ملك المبيع.

وللمشتري أن ينتفع بالمبيع بالإجارة أو السكنى أو غيرها - عقد باطل بكل حال.

وجه هذا القول:

لأن مقصود المتبايعين إنما هو الربا بإعطاء الدراهم إلى أجل، ومنفعة الدار مثلاً - هي الربح.

والواجب فيه: رد المبيع إلى البائع، وأن يرد المشتري ما قبضه من الثمن (١) .

* * *

مذهب الشافعية

اختلفت أقوال فقهاء مذهب الإمام الشافعي في حكم بيع الوفاء.

من المتقدمين:

منهم من ذهب إلى القول بفساده إذا كان شرط الوفاء في صلب العقد مقترنًا بالإيجاب والقبول، أو في مجلس العقد، أو في زمانه خيار الشرط (٢) .

- أما بعض المتأخرين من فقهاء المذهب قالوا: إن بيع الوفاء جائز مفيد لبعض أحكامه.

وهو: انتفاع المشتري بالمبيع وهو البيع من الآخر.

وجه هذا القول:

أن البيع بهذا الشرط تعارفه الناس وتعاملوا به لحاجتهم إليه فرارًا من الربا، فيكون صحيحًا لا يفسد البيع باشتراطه فيه - وإن كان مخالفًا للقواعد!!! لأن القواعد تترك بالتعامل كما في الاستصناع (٣) .

وقال صاحب بغية المسترشدين من متأخري الشافعية:

بيع العهدة صحيح جائز تثبت به الحجة شرعًا وعرفًا على قول القائلين به، وأضاف قائلًا: لم أرَ من صرَّح بكراهته وقد جرى عليه العمل في غالب جهات المسلمين من زمن قديم وحكمت بمقتضاه الحكام، وأقره من يقول به من علماء الإسلام، مع أنه ليس من مذهب الإمام الشافعي، وإنما اختاره ولفقه من مذاهب للضرورة الماسة إليه، ومع ذلك فالاختلاف في صحته من أصله وفي التفريع عليه لا يخفى على من له إلمام بالفقه.

لكن المتقدمين من فقهاء المذهب قالوا بناء للبيع وللأسباب التي ذكرها القائلون بفساده (٤) .

* * *


(١) كشف القناع: ٣/١٤٩ - ١٥٠؛ والإقناع في فقه الحنابلة.
(٢) ابن حجر الهيتمي، الفتاوى: ٢/٢٣٠.
(٣) مغني المحتاج: ٢/٣١؛ ونهاية المحتاج: ٣/٤٣٣.
(٤) بغية المسترشدين: ص١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>