مبحث
هل يجوز انتفاع المرتهن بالعين المرهونة؟
اتفق الفقهاء على أن عين الرهن، ومنافعه ملك للراهن، وأن للمرتهن ليس إلَّا حق استيفاء دينه من ثمن المرهون إذا تعذر على الراهن وفاء الدين للمرتهن عند الأجل، مقدمًا به على سائر الغرماء.
كما اتفقوا على أن المرتهن لا يحل له الانتفاع بشيء من المرهون، إذا لم يأذن له الراهن، ولم يكن المرهون مركوبًا، أو محلوبًا، أو صالحًا للخدمة.
واختلفوا في انتفاع المرتهن بالمرهون إذا أذن له الراهن مطلقًا سواء أكان المرهون مركوبًا، أم محلوبًا، أم صالحًا للخدمة أم كان غير ذلك، أو لم يأذن له الراهن، وكان المرهون مركوبًا، أو محلوبًا، أو صالحًا للخدمة فالخلاف بين الفقهاء في موضعين:
الموضع الأول: انتفاع المرتهن بالمرهون، إذا أذن له الراهن في الانتفاع.
الموضع الثاني: انتفاع المرتهن بالمرهون، إذا لم يأذن له الراهن في الانتفاع، وكان المرهون مركوبًا، أو محلوبًا، أو صالحًا للخدمة.
الموضع الأول
انتفاع المرتهن بالمرهون إذا أذن له الراهن
اختلف الفقهاء في انتفاع المرتهن بالمرهون إذا أذن له الراهن، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الجواز مطلقًا سواء أكان الدين قرضًا أم غيره، وسواء أكان الانتفاع مشروطًا في العقد أم لا، ذهب إلى ذلك الحنفية (١) .
القول الثاني: عدم الجواز مطلقًا سواء أكان الانتفاع مشروطًا في العقد أم لا، وسواء أكان الدين قرضًا أم غيره، ذهب إلى ذلك الشافعي كما في الأم، وهو قول للحنفية.
القول الثالث: عدم الجواز إذا كان الرهن بدين القرض، والجواز إذا كان بدين غير القرض، كثمن مبيع، وأجرة دار، ذهب إلى ذلك المالكية والحنابلة، وهو المروي في التحفة عن الشافعي، غير أن المالكية والشافعية قيدوا الجواز بأمرين:
الأول: أن يكون شرط الانتفاع في طلب العقد.
الثاني: أن تكون المنفعة معلومة ببيان مدتها.
(١) ابن عابدين: ٥/٢٣٢.