استدل أصحاب القول الأول على جواز انتفاع المرتهن بالمرهون مطلقًا: بأن الراهن مالك لجميع منافع المرهون، فله أن يملكها غيره، فإذا أباحها للمرتهن صح ذلك، وحل للمرتهن الانتفاع بالمرهون، وكأن الراهن وهب المنفعة للمرتهن والهبة مشروعة.
ورد هذا الاستدلال بأن الهبة المشروعة هي ما أقدم عليها المالك بمحض اختياره، طيبة بها نفسه، والظاهر من حال الراهن أنه إنما أقدم على إباحة الانتفاع للمرتهن بالمرهون، تحت تأثير الحاجة، ولم يكن إذنه عن طيب من نفسه، وعلى ذلك فلا يحل مال امرىء إلَّا بطيب من نفسه.
واستدل أصحاب القول الثاني على عدم جواز انتفاع المرتهن بالمرهون مطلقًا:
بما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه)) (١) .
ووجه الدلالة من هذا الحديث أن قوله:((له غنمه وعليه غرمه)) نص صريح في أن منافع الرهن ملك للراهن، ولا يباح منها للمرتهن شيء إلَّا ما يقوم على إباحته دليل صحيح.
وليس هناك دليل صحيح على إباحة الانتفاع، وإذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بملكه - وقد وضعته الحاجة هذا الوضع القاسي - لا ينبغي لمنصف أن يدعي أنه صدر منه عن كمال اختيار وطيب نفس، بل صدر منه تحت سلاح الحاجة القاسية، على أنه في بعض الحالات يكون الانتفاع ربا صريحًا فيما إذا كان الدين قرضًا لقوله صلى الله عليه وسلم:((كل قرض جر نفعًا فهو ربا)) وهو منهي عنه شرعًا، فانتفاع المرتهن بالمرهون منهي عنه شرعًا.
واستدل أصحاب القول الثالث: مالكية، حنابلة، شافعية.
أولاً: على عدم جواز انتفاع المرتهن بالمرهون إذا كان الرهن عن دين قرض:
بما رواه علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كل قرض جر نفعًا فهو ربا)) .