للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعنصر التونسي يتألف منه سكان البلاد الأصليون الذين مضت عليهم قرون وقرون بهذه الديار، قبل دخول الأندلسيين، وقبل نزول عساكر سنان باشا بحلق الوادي، وقد اشتبكت بين أفراد هذا العنصر الأَوَاصِر، وَامْتَزَجَتْ فئاتهم، واختلطت أسرهم وأنسابهم وأصبحوا أكثر شعورًا بتلاحمهم وارتباط بعضهم ببعض وتميزهم عن غيرهم.

والعنصر الأندلسي هو الذي لجأ إلى تونس آلاف منه في الهجرة الأولى في القرن السابع أيام قيام الدولة الحفصية وذلك بالخصوص بعد سقوط قرطبة وإشبيلية (١) وبعد ذلك بقرنين كانت الهجرة الثانية في القرن التاسع بعد سقوط غرناطة. والهجرة الثالثة والأخيرة منهم إلى الإيالة التونسية كانت سنة ١٠١٦ و١٠١٧ عند الجلاء الأخير للمسلمين كافة عن إسبانيا بسبب قيام ديوان التحقيق ومحاكم التفتيش وصدور قرار التنصير الإلزامي بها.

والعنصر التركي هو عبارة عن الجند الغازي العثماني والأتراك الذين وفدوا مع العساكر، ومن انضم إليهم من الأوروباويين المقيمين بالولايات العثمانية والذين كان منهم في الغالب قضاة الجند والشيوخ العلماء والمستشارون وأصحاب الوظائف الإدارية والسياسية الذين اعتمدهم الولاة فالمراديون ثم الحسينيون من بعدهم.

ولو رجعنا إلى كتب الطبقات وما وضعه التونسيون من سير وتواريخ وتراجم (٢) ، أو جمعوه من مسائل، ودونوه من آثار ورسائل، لم يقع حتى اليوم استخدامها على الوجه الكامل، لتجلت لنا الحياة الفكرية الثقافية العلمية في أدق خصائصها وأبرز مميزاتها.


(١) محمد الحبيب الخوجة، الحياة الثقافية بأفريقية، صدر الدولة الحفصية، نشرة مؤتمر مجمع اللغة العربية.
(٢) يمكن أن نذكر من ذلك: الحلل السندسية للوزير السراج؛ والمشرع الملكي في سلطنة أولاد علي تركي لمحمد الصغير الباجي؛ والشهب المخرقة لأحمد برناز؛ وسمير الأصحاب ونزهة ذوي الألباب لمحمد بن تاج العارفين البكري؛ والتاريخ الباشي لحمودة بن عبد العزيز؛ وبرنامج من ولي الإمامة بالجامع الأعظم لإسماعيل التميمي؛ وبشائر أهل الإيمان وذيله لحسين خوجة؛ والمونس لابن دينار؛ وقرة العين بنشر فضائل الملك حسين لمحمد سعادة؛ ومفاتح النصر في التعريف بعلماء العصر للباجي العياضي؛ والإتحاف لابن أبي الضياف؛ والخلاصة النقية للباجي المسعودي؛ ووسائل التعريف بالولاة من طرق الدولة العثمانية بتونس للشيخ بيرم الثاني؛ والتعريف بالمفتيين الحنفيين له أيضًا؛ ورسالة التراجم المهمة للخطباء والأئمة لمحمد بيرم الرابع؛ وعنوان الأريب لمحمد النيفر؛ وشجرة النور الزكية لمخلوف وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>