للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الإجارة المرسومة بسمرقند) وهكذا الإجارة المرسومة بسمرقند (١) ، وهي أن يؤجر المستقرض المقرض على حفظ سكين له ونحوه مشاهرة بالقدر الذي يريد المقرض أن يجعله ربحًا على قرضه. ولها في الفصول فصل حافل (٢) . ولو توقف جواز الحيلة على قصدها بذاتها لم تتحقق حيلة أصلًا، (دعوى البائع أن الإجارة للأجنبي تلجئة) وحينئذ فدعوى بعض البائعين على المشتري: أن عقد الإجارة مع الأجنبي تلجئة (٣) ، لم يكن الغرض منه إلا التحيل لاستحلال أخذ الأجرة مني وأنا لم أزل ساكنًا بداري دافعًا للأجرة من مالي، غير مسموعة حتى لا تقبل منه فيها بينة ولا تتوجه له بها على المشتري يمين لأنه لو أقر بها لا يلزمه بها شيء. من لا يلزمه شيء مع الإقرار لا تتوجه إليه يمين مع الإنكار ومن لا يلزمه شيء مع الإقرار لا تتوجه عليه اليمين بالإنكار.

ففي البزازية من كتاب الشفعة عند كلامه

[٣٩٠] على بعض حيلها، فلو أراد (الشفيع) أن يحلفه بالله ما أردت (أي بالحيلة التي صنعت) إبطال شفعتي لم يكن له ذلك، لأنه لو أقر به لا يلزمه (شيء) (٤) . على أن الجمع بين دعوى التلجئة في الإجارة للأجنبي ودعوى أن المقصود بها التحيل على استحلال أخذ الأجرة من البائع جمع بين متنافيين لاقتضاء كون القصد به ذلك التحيل أنه جدُّ، إذ لا يحصل المقصود من التحيل به للحل إلا بكونه كذلك. واقتضاء كونه تلجئة أنه هزل إذ التلجئة والهزل واحد لا يفيد كلاهما للعقد سوى الوجود اللفظي، وذلك مما لا عبرة به ولا يحصل المراد من الحل بسببه لأنه حينئذ وإن كان موجودًا حسًّا فهو معدوم شرعًا وهو كالمعدوم حسًّا.


(١) استخرج الإجارة الطويلة الإمام محمد بن الفضل البخاري فقبلها البعض لا البعض. انظر الفتاوى على الهندية: ٥/١٢، ١٣؛ والتفريعات على الإجارة الطويلة: البزازية: ٥/١٨.
(٢) راجع الفصل التاسع عشر في مسائل الإجارة المعهودة بسمرقند بين المقرض والمستقرض. قال في نور العين: ماهية هذه الإجارة مبهمة ظاهرًا، والمستفاد من مجموع ما ذكر في جامع الفصولين هي أن يودع المستقرض للمقرض شيئًا قليل القيمة كسكين ومشط ونحوهما، ويستأجره لحفظه، ويعين بدل الإجارة على قدر الربح الذي عيناه لأصل مال القرض ليكون الربح حلالًا للمقرض ودينًا على المستقرض. البنشانجي: ٧٦ أ.
(٣) من الإلجاء وهو الإكراه التام كأن يهدد شخص غيره بإتلاف نفس أو عضو أو ضرب مبرح إذا لم يفعل ما يطلبه منه. وبيع التلجئة: هو أن يظهرا بيعًا لم يريداه باطنًا بل خوفًا من ظالم دفعًا له. وقالوا هو عقد ينشئه لضرورة أمر فيصير كالمدفوع إليه. الموسوعة الفقهية الكويتية: ٩/٦٢، ٦٣.
(٤) الفتاوى: ٦/١٥٤. ونظيرها ما ورد في الفتاوى الهندية: (اشترى عشرًا لضيعة بثمن كثير ثم بقيتها بثمن قليل فله شفعة في العشر دون الباقي فلو أراد أن يحلفه بالله ... ) إلخ. البزازية: ٥/١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>