للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لأن هذا الاعتبار لا يفيد نفي الضمان إذ هو ثابت عليه أيضًا، لأن الهبة حينئذ تكون هبة الثمر بدون الشجر. وهي من نوع الهبة الفاسدة.

فإن قلت: أنَّى يضر اتصال الثمر الموهوب بالشجر وهو للموهوب له لا الواهب؟

قلت: بل هو للواهب لأن العقد الذي انعقد عليه عقد وفاء لا بتات (١) ، وهذا على سبيل التنزل لتسليم وجود الهبة

[٣٩٥] وإلَّا فلا تحقق لها أصلًا على ما لا يخفى.

(حكم الزرع والثمر واحد) واعلم أن الزرع القائم في الأرض وقت عقد الوفاء عليها يجري مجرى الثمرة الموجودة وقت عقده على الشجر في جميع ما ذكرناه فيها. وإذ قد عرفت أن الثمرة الحادثة بعد عقد الوفاء تسلم للمشتري مجانًا فهاهنا مسألتان لا بد من الكلام عليهما:

(طلب المشتري الفسخ ليأخذ الثمن بعد أخذه الغلة) أولاهما إذا أخذ المشتري الغلة الحادثة أكلًا أو بيعًا ثم طلب فسخ الوفاء واسترداد الثمن، فهل يجاب لذلك مطلقًا متى طلبه أو مقيدًا؟ وعليه فبماذا قيدوه؟

(إذا تفاسخا قبل أخذ الغلة، الغلة تكون لمن) وثانيتهما إذا تفاسخا قبل أخذ المشتري الغلة، فهل تكون كلها له أو للبائع أو تقسط بينهما؟ وعلى التقسيط فهل ثمة (٢) فرق بين الثمرة الموجودة وقت الفسخ والحادثة بعده أم لا فرق بينهما؟

(صحة شرح الفسخ قبل السنة) أما الأولى فجوابها أن إجابته مقيدة بأحد أمرين: إما بمضي سنة من وقت العقد، أو بكونه شرط في ابتداء العقد على البائع أنه متى رفع الغلة فسخ العقد وطالبه بالثمن. أما بدون الشرط وعدم مضي السنة فلا يجاب. نص على الأول (٣) في الفصول نقلًا عن فتاوى خواهر زادة (٤) ، وقال (٥) : (إلا إذا أراد (٦) أن يأخذ منه (٧) نصيب ما مضى ويترك عليه نصيب ما بقي من المدة الآن له ذلك) (٨) أي إلا إذا لم يطلب جميع مال الوفاء الآن، وإنما طلب قسط المدة الماضية (٩) منه كما إذا مضى ثلثا السنة فطلب ثلثي مال الوفاء وترك طلب الثلث الباقي لمضيها ولم يرد (١٠) تركه على البائع رأسًا، فله ذلك وليس للبائع أن يقول له لا أعطيك شيئًا من الثمن حتى تمضي السنة. وهذا تقسيط لمال الوفاء على السنة، وهو عزيز في كلامهم، فليتنبه له.


(١) ط. يعني فلم يخرج به الشجر عن ملك صاحبه. هـ. والدي. ب.
(٢) ثم في ب، ر، ص، و.
(٣) ط. وهو منعه قبل مضي السنة. ب.
(٤) للإمام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد البخاري: ٤٨٣. يعرف ببكر خواهر زادة أي ابن أخت عالم. كان من فقهاء ما وراء النهر. إمام فاضل. له المختصر. التجنيس، المبسوط، الفتاوى. اللكنوي: ص١٦٣ - ١٦٤؛ القرشي: ٢/١٨٣؛ ٣/١٤١، ١٢٨٩؛ ومقدمة التاتارخانية: ١/٤٨.
(٥) ط. فإنه يجاب قبل مضي السنة. ب.
(٦) مشتري. ب.
(٧) بائع. ب.
(٨) العمادية: وسط ١٠٥ ب؛ الجامع: ١/٢٤٠.
(٩) ط. التي انتفع فيها البائع بالثمن. ب.
(١٠) أي لم يرد خواهر زادة بالترك في كلامه الترك رأسًا كما قد يتوهم. ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>