للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال البزازي: (قيل: كيف يبقى العقد في الثمار المعدومة؟ قال: يبقى في الأصل لا في النزل) (١) . ومعناه أنه أورد على صاحب الهداية ثانيًا كيف يصح اعتبار العقد باقيًا لم يفسخ في الثمار مع أنها معدومة إذ ذاك؟ وأجاب بأنا لا نسلم أنه يعتبر باقيًا فيها حتى يلزم اعتبار بقائه في معدوم بل نعتبر بقاءه في أصلها الذي هو الشجر وهو موجود. وهذا لأن بقاء العقد إنما يعتبر بعد الفسخ فيما كان فيه قبله، وهو إنما كان في الأصل فيعتبر بقاؤه فيه، وإذا اعتبر باقيًا فيه والنزل نماؤه ونماء المبيع وفاء المتولد بعد العقد للمشتري، فيستحق فيه إلى وقت الفسخ ووقته حينئذ هو وقت الرفع إذ فرض باقيًا إليه.

ثم قال البزازي: (قيل وإن كان المشتري استوفى ثمار سنين سلفت) يعني تعتبر بقاء العقد حتى في هذه الصورة مع أنه يتبادر أن هذا التكلف إنما يعتبر فيما إذا لم يأخذ المشتري غلة أصلًا بأن كان الفسخ في السنة الأولى. (قال نعم) (٢) يعتبر ولو فيها، لأن أخذه غلات سنين سلفت لا يمنعه من أخذ ما ينوبه من غلة سنة أدرك جزءًا منها قبل الفسخ.

(رجحان القول بتوزيع الغلة المعدومة وقت الفسخ) وقد ظهر لك رجحان ما ذهب إليه صاحب الهداية على مقابله لتوجيهه وتقدم قائله. فإنه الإمام الذي يقال فيه إذا قالت حذام. ولا يخفى أن هذا تحويم منه على رد صورة الفسخ عند عدم الغلة لصورته عند وجودها ليثبت فيها ما ثبت في الأخرى من التقسيط، لأنه إذا فرض بقاء العقد إلى وقت أن تصير للغلة قيمة، وأن الفسخ إذ ذاك وقع يكون واقعًا

[٤٠١] حال وجود الغلة دون عدمها.

فإن قلت: من أين يؤخذ من كلام صاحب الهداية أن العقد يعتبر باقيًا إلى حين أن تصير للغلة قيمة وهو إنما قال إلى وقت الرفع؟


(١) البزازية: ٤/٤١١.
(٢) البزازية: ٤/٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>