للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل ما ذكره (١) من توقف دخول الموجود وقت العقد على اشتراطه للمشتري، وكون الحادث بعد الشراء للمشتري بدونه ظاهر حيث كان بمنزلة الثمر، إذ مر أن الحكم في الثمر ذلك. وأما وجوب أن يصرف من الحادث إلى دعائم الكرم قدر المتعارف مع أن ذلك الحادث ملكه، ولم وجب عليه الصرف من هذا دون القديم المشروط له، وهو ملكه أيضًا، فلأنه لما كان بمنزلة الثمر، والثمر يصح أن يشترط منه البائع شيئًا لنفسه كالنصف والربع كما صرح به غير واحد وأفاده قول الفصول: (وغلة الكرم على ما شرطا) (٢) كان ذلك القدر المتعارف مستثنى له (٣) عرفًا وهو كالمشروط شرطًا، وحينئذ لم يجبر المشتري على الصرف من ماله بل من مال البائع المستثنى له بحكم العرف. وإنما لم يعتبر هذا الاستثناء في الموجود الذي هو للمشتري بالشرط حتى يلزمه أن يصرف منه القدر المتعارف أيضًا لأن الاستثناء إنما يعمل في نزل الوفاء، وهو الحادث على ملك المشتري الوفائي، والموجود ليس كذلك (٤) ، وملك المشتري إياه إنما هو بالبيع البات فيه بمقتضى الشرط بحصته من الثمن فكان بمنزلة الثمر الموجود المشروط حيث مر أن البيع فيه بات بالحصة، وهي معنى قوله: (لأنه ملكه بحكم أن له قسطًا من الثمن) . وإذا كان ملكه بذلك البيع لا يصح فيه استثناء شيء للبائع.

[٤٠٣] ولذلك إذا صرف منه تطوعًا كان له رفعه وقت الفسخ (٥) .

(مسألة حطب الزيتون) ومما هو غير خاف أن لا يمكن إجراء ما يقطع من حطب الزيتون المعبر عنه عندنا بالقص على حكم قوائم الخلاف، وإنما هو للبائع بلا خلاف، وذلك للفرق الواضح بينهما (٦) لأن قوائم الخلاف إنما كان حكمها ما مر لتنزيلها منزلة الثمر، وما نزلت منزلته إلا لكون ذلك الشجر ليس له شيء من الثمر فقوائمه هي ثمرته مع كونها تقطع منه كل سنة. والمقطوع من حطب الزيتون يخالفها في ذلك كله لأنه في نفسه يثمر الزيتون ولا يقص (٧) كل سنة بل في بعض من السنين تشذيبًا (٨) لشجره وتقوية له، فلا يكون ثمرًا بل شجرًا، كما هو الواقع فيه.


(١) البزازي. ب.
(٢) العمادية: أعلى ١٠٥ ب؛ والجامع: ١/٢٤٠.
(٣) أي للبائع. ب.
(٤) لما سبق من أن البيع فيه بات. ب.
(٥) انظر الجامع: ١/٢٤١.
(٦) أي القص والقوائم. ب.
(٧) نخ. يقطع.
(٨) تهذيبًا. ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>