للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد هذا كله فالأظهر القول بتبرع المشتري باتًّا، وأن قياسه على معير الرهن قياس مع الفارق، لأن شراءه (١) إذا كان موقوفًا على الإجازة (٢) يكون ملكه للمبيع كذلك. والإجازة هنا إنما حصلت بقبض مشتري الوفاء مال وفائه منه، فبالضرورة يتأخر نفاذ عقده عن دفعه إياه. ويستلزم ذلك تأخر ملكه كذلك. ولئن كان الملك يثبت له مستندًا لوقت شرائه لا مقتصرًا على وقت دفعه فعقد شرائه متأخر عن عقد وفاء الآخر، فلم يصدق أن الوفاء ورد على ملكه لا النافذ ولا الموقوف، فكيف يساوي المعير؟

(بيع المبيع وفاء لمشتريه بيعًا باتًّا (واعلم أن بيع المبيع وفاء الذي يتوقف

[٤١١] على إجازة مشتري الوفاء هو بيعه من غير ذلك المشتري. أما بيعه له فلا يتصور توقفه على إجازة من نفسه بل ينفذ في الآن (٣) ، ويتضمن فسخ الوفاء الذي كان أتى الوادي فطمّ على القري (٤) .

قال في الفصول: (وسئل جدي رحمه الله عمن باع كرمه بيعًا جائزًا ثم باعه من المشتري بيعًا باتًّا بعد ما مضى بعض السنة وقد خرج الثمر، وأنه باع (٥) بدون الغلة (فهل تكون) حصة ما بقي من السنة بعد البيع البات للبائع؟ أجاب تكون للبائع) (٦) .

قلت: وضع الكلام في حصة الباقي من السنة بعد البيع لأن حصة الماضي منها تكون للمشتري بلا إشكال. وإنما لم تكن حصة الباقي له أيضًا لأنه لا جائز أن يستحقها بعقد الوفاء لانفساخه بطروء البات عليه، ولا بعقد البات لعدم اشتراط المشتري لها فيه، وأيضًا فهذا فسخ حكمي لعقد الوفاء، فيعتبر بالفسخ الحقيقي وفيه توزع بينهما على هذا الوجه، فكذا فيما هو في حكمه.

ثم قال في الفصول أيضًا: (وسئل رحمه الله، باع كرمًا بيعًا جائزًا فمضى بعض المدة وخرج الثمار ثم باعه من المشتري جائزًا بيعًا باتًّا ولم يذكر الثمار (٧) أتكون الثمار للبائع أم للمشتري؟ أجاب رحمه الله: تكون للبائع) (٨) .

أقول أطلق في الثمار هنا، فشمل حصة المدة السابقة على الفسخ واللاحقة له، وليس كذلك، لأنك عرفت أن حصة السابقة للمشتري بلا نزاع.


(١) أي البتي. ب.
(٢) أي من مشتري الوفاء. ب.
(٣) في الفصل الثاني والثلاثين من جامع الفصولين رامزًا للذخيرة ما نصه: (باع الرهن راهنه بلا إذنه مرتهنه، ثم باعه من المرتهن جاز البيع من المرتهن وينتقض البيع الأول) . اهـ. ب. وتمام كلامه في الجامع: (وهكذا لو باع المستأجر من رجل بلا إذن المستأجر ثم باعه من المستأجر جاز البيع من المستأجر وهو نقض للبيع الأول، وكذلك في البيع الجائز المعروف ببيع الوفاء إذا باعه البائع من رجل باتًّا بلا إذن المشتري ثم باعه من المشتري بيعًا باتًّا نفذ البيع الثاني وبطل الأول. وهذا لأن الأول موقوف والثاني بات فيبطله. كذا أفتى صاحب المحيط. وقال غيره من المتأخرين ينفذ البيع الأول. وبه أفتي) والجامع: ٢/٩٣.
(٤) عظم السيل فغمر كل شيء في طريقه.
(٥) أي باتًّا. ب.
(٦) بالفصول: ما بقي من الثمر بدل ما بقي من السنة. العمادية: ١٠٦ أ.
(٧) الثمر بدل الثمار. انظر العمادية.
(٨) العمادية: وسط ١٠٦ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>