للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(على ماذا ينبغي حمل التجزي إن تجزأ الفسخ) وينبغي حمل هذا التجزي على كونه في أحد المقصودين في بيع الوفاء من تصرف المشتري فيه فلا يبقى له تصرف في القدر الذي انفسخ فيه الوفاء من المبيع دون المقصود الآخر وهو

[٤٢٢] حبسه للتوثق به للدين، فيكون له حبسه كله إلى حصول قبض الدين كله، لأنه إذا كان له حبسه كله بعد حصول الفسخ الحقيقي في كله قبل القبض، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في الفصل الذي يلي هذا، إذا (انفسخ عقد الوفاء فللمرتهن الذي هو المشتري الحبس) فكيف لا يكون له حبس كله في الفسخ الحكمي الواقع في بعضه؟ على أن المبيع في عقد الوفاء معطى له في حق الحبس حكم المرهون، (المرهون لا يزال محبوسًا كله إلى تمام قبض الدين) والمرهون لا يزال محبوسًا كله إلى تمام قبض الدين. وحينئذ لا يقال إن الفسخ يتجزأ في الوفاء ولا يتجزأ في الرهن فيكون هذا من المسائل التي اختلفا فيها، لأنك عرفت أن ما ثبت تجزي الفسخ في الوفاء فيه هو التصرف في المبيع الذي هو من خواص الوفاء، ولاحظ للرهن فيه. وأما ما اشتركا فيه من الحبس فهما سواء في عدم تجزي الفسخ بالنسبة إليه، فلا يكون هذا من تلك المسائل بهامش الرضوانية ذكر مسألتين. المسألة الأولى: وصي اليتيم اشترى بمال اليتيم دارًا أو نحوها وفاء، ومات الراهن فقام الوصي يبطل الرهن مع ورثة الراهن، وفسخ القاضي الرهن وأراد الوصي قبض المال، فهل تجب يمين القضاء؟ وهل وجوبها على الوصي الذي دفع المال أولًا ويريد قبضه ثانيًا بحكم الإيصاء، أو على اليتيم ويتأخر للبلوغ؟ أفتى شيخ الإسلام بتونس أحمد ابن الخوجة نقلًا عن والده شيخ الإسلام محمد ابن الخوجة استظهارًا منه: أن اليمين على اليتيم وتتأخر للبلوغ، كما لو مات المرتهن عن أيتام ثم مات الراهن وطلب وصي الأيتام فسخ الرهن، فإن المال يوقف إلى بلوغهم ويحلفون بعده يمين القضاء. اهـ. وأفتى الشيخ حسن عباس أن اليمين في المسألة الأولى على الوصي لأنه الذي فعل العقد ويريد القبض الآن فيحلف يمين القضاء على البات. نعم لو مات الوصي بوقف المال إلى بلوغ اليتيم، فإذا بلغ يحلف كما في المسألة الثانية. والله أعلم. المسألة الثانية: إذا مات المرتهن وله ورثة صغار، وعليهم وصي من قبله أو من قبل القاضي، وطلب الوصي فسخ الرهن مع ورثة الراهن، ووقع الفسخ وأراد ورثة الراهن الدفع إلى وصي الورثة المذكورين فهل تجب على الورثة يمين القضاء؟ وهل يحلف الصغار في هذه الحالة؟ الجواب أن اليمين واجبة، وكون ذلك صار دينًا في ذمة الميت، أعني الراهن أصالة، ويصير دينًا في عين التركة، فتجب يمين القضاء كما في غيرها من المسائل التي تجب فيها اليمين المذكورة. وأما تحليف الصغار في حال الصغر فقد اختلف فيه، والذي أفتى به علماء تونس عدم التحليف إلى أمد البلوغ. فبعد البلوغ يحلفون. اهـ. قاله شيخ الإسلام سيدي محمد ابن الخوجة رحمه الله. ر.

وأما بماذا يكون رجوع المشتري على البائع بعد الفسخ فيما إذا اختلف المسمى والمقبوض بأن كان المسمى دراهم والمقبوض دنانير بقدر مصارفتها أو العكس؟ فالذي انفصل عليه البزازي في جامعه، بعد طول مباحثة حكاها في ذلك يرجع إليه فيها من رام الوقوف عليها، إن الرجوع بالمسمى لا بالمقبوض أنه يرجع بالمسمى في العقد لا بما وقع عليه قبض اليد.

فعلى هذا ما يقع في ديارنا من عقده باسم الريال المنصرف لريالنا التونسي إذا كان عند الدفع دفع الريال الإفرنجي المسمى بِالدَوْزُو بحسب ما يصرف به من التونسي في ذلك الوقت، وتغيرت مصارفة الدوزو وقت الفسخ عنها

[٤٢٣] وقت العقد بزيادة أو نقص، يكون الرجوع بالمسمى من ريالنا التونسي لا بالمقبوض الإفرنجي (١) . وهكذا لو دفع الذهب المعبر عنه بالسلطاني والعقد باسم الريال وتغيرت فيه المصارفة.


(١) كذا الحكم لو لم يتغير، وإنما فرض الكلام عند التغير لأنه أوان المشاحنة. اهـ. ابن المصنف. ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>