للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي كلها أدلة تحريم ذرائع مجمع عليها، فيستحسن أن يكون استدلالهما بالقياس خاصة، ويتعين عليهما إبداع الجامع، وإبراز العلة المشتركة لعل الخصم يجد فارقًا فيدفع الاحتجاج بالقياس، وكان مما ينبغي أن يذكرا نصوصًا أخر خاصة بذرائع بيوع الآجال ويقتصرا عليها وهو ما فعله الشهاب القرافي حيث ذكر حديثًا (١) نسبه إلى الموطأ وهو أن أم ولد زيد بن أرقم قالت لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين: إني بعت من زيد بن أرقم عبدًا بثمانمائة درهم إلى العطاء، واشتريته بستمائة نقدًا فقالت عائشة - رضي الله عنها -: بئسما شريت وبئسما اشتريت، أخبري زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب، قالت: أرأيتني إن أخذته برأس مالي؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٧٥] (٢) وقد ساق الحديث نفسه البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع ولكن رواه عن غندر عن شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته العالية قالت: دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على عائشة فقالت أم ولد زيد بن أرقم: إني بعت غلامًا من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته منه بستمائة درهم نقدًا؟ فقالت لها: (بئسما اشتريت، وبئسما شريت، أبلغي زيدًا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل إلا أن يتوب) [رواه أحمد وسعيد] .

ثم عقب البهوتي على الحديث بعد أن رواه بقوله: (ولا تقول مثل ذلك إلا توقيفًا) وقد عقب القرافي بما قاله البهوتي لكن بصورة أوضح حيث قال: وهذا التغليظ العظيم لا تقوله رضي الله عنها إلا عن توقيف.


(١) راجع القرافي في كتابه الفروق: الفرق الرابع والتسعون والمائة بين قاعدة ما يسد من الذرائع وقاعدة ما لا يسد منها: ٣/٢٧٤ - ٢٧٥؛ ومغني ابن قدامة: ٤/٦٣؛ والمقدمات لابن رشد: ٢/٥٢٥.
(٢) العرف عند المالكية أنهم إذا أطلقوا لفظ الموطأ فالمراد رواية يحيى بن يحيى الليثي والحديث الذي ذكره القرافي وهو حديث أم ولد زيد بن أرقم ليس موجودًا في الموطأ، وقد جاء في منتقى الأخبار لابن تيمية الجد رواية الحديث المشار إليه سابقًا عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته: (أنها دخلت على عائشة) الحديث، ثم قال: رواه الدارقطني، وجاء في شرحه نيل الأوطار للشوكاني أن الحديث في إسناده الغالية بنت أيفع وقد روى عن الشافعي أنه لا يصح وقرر كلامه ابن كثير في إرشاده، وساق البهوتي في كشاف القناع عند كلامه على من باع سلعة بنسيئة، وقال: رواه أحمد وسعيد. النيل مع المنتقى: ٥/٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>